أمن من التباس الخبر بالصفة ، لأن الضمير لا يوصف ، وقلنا : كان حق الخبر الذي بعد الفصل أن يكون معرفا باللام ، لأنه إذا كان كذا ، أفاد الحصر المفيد للتأكيد فناسب ذلك تأكيد المبتدأ بالفصل ؛
فالمبتدأ المخبر عنه بذي اللام : إن كان معرّفا بلام الجنس فهو مقصور على الخبر ، كقوله عليه السّلام : «الكرم التقوى ؛ والمال الحسب ؛ والدين النصيحة» ، أي : لا كرم إلا التقوى ، ولا حسب إلّا المال ، ولا دين إلا النصيحة ، لأن المعنى : كل الكرم التقوى
وإن لم يكن في المبتدأ لام الجنس فالخبر المعرف باللام مقصور على المبتدأ ، سواء كانت اللام في الخبر للجنس نحو : (أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(١) أي : لا عزيز إلا أنت ، فهو للمبالغة كقولك : أنت الرجل كل الرجل ، أو للعهد ، نحو : أنت الكريم ، أي : أنت ذلك الكريم ، لا غيرك ، وسواء كان اللام موصولا ، نحو : أنت القائم ، أو زائدا داخلا في الموصول نحو : أنت الذي قال كذا ،
ثم إنه اتسع في الفصل ، فأدخل حيث لا لبس بدونه أيضا ، وذلك عند تخالف المبتدأ والخبر في الإعراب نحو : كان زيد هو القائم ، وما زيد هو القائم ، وإنّ زيدا هو القائم ؛ وعند كون المبتدأ ضميرا ، نحو : (أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ، (٢) وعند كون الخبر ذا لام لا يصلح لوصفية المبتدأ ، كقولك : الدين هو النصيحة ، وعند كون الخبر : أفعل التفضيل ، لمشابهته ذا اللام ، ووجه المشابهة له ، كون مخصصه حرفا يقتضيه أفعل التفضيل معنى ، أعني «من» فهي ملتبسة به ومتحدة معه ، كما أن مخصص ذي اللام ، حرف متحد معه ، أي اللام ، ومن ثمة ، جاز : ما يحسن بالرجل خير منك أن يفعل كذا ، ولكون «من» التفصيلية كاللام معنى ، لا يجتمعان ، فلا تقول : الأفضل من زيد ، كما يجيء في بابه ؛
__________________
(١) من الآية ١١٨ في سورة المائدة وتقدمت قريبا ؛
(٢) من الآية ٤٩ في سورة الحجر ؛