بعد تمام ذيل الأول ، نحو قوله تعالى : «لا تَحْسَبَنَّ» بالتاء (١) ، (الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ) بالتاء أيضا ، (بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ)(٢) ؛ فإنه طال المفعول الأول بصلته ؛
ثم ، التأكيد اللفظي على ضربين ، لأنك إمّا أن تعيد لفظ الأول بعينه نحو : جاءني زيد زيد ، وجاءني جاءني زيد ؛ أو تقويه بموازنه مع اتفاقهما في الحرف الأخير (٣) ، ويسمّى اتباعا ، وهو على ثلاثة أضرب : لأنه إمّا أن يكون للثاني معنى ظاهر ، نحو : هنيئا مريئا ، وهو سر بر ، أو لا يكون له معنى أصلا ، بل ضمّ إلى الأول لتزيين الكلام لفظا وتقويته معنى ، وإن لم يكن له في حال الإفراد (٤) معنى ، نحو قولك : حسن بسن فسن (٥) ، أو يكون له معنى متكلّف غير ظاهر نحو : خبيث نبيث ؛ من نبثت الشيء ؛ أي استخرجته ؛
وقولهم : أجمعون ؛ أكتعون أبتعون أبصعون ، قيل من القسم الثاني أي لا معنى لها مفردة ؛ وقيل من الثالث ، مشتقة من : حول كتيع أي تامّ ، ومن تبصّع العرق إذا سال أو من بصع أي روي ومن البتع وهو طول العنق مع شدة مغرزه ؛
وعلى الوجهين يمكن أن يحمل ما قال ابن برهان (٦) : إن هذه الألفاظ تأكيد لأجمعون ،
__________________
(١) هكذا جاء تمثيل الرضي ، وأراد بذلك أن يحدّد القراءة التي استشهد بالآية على أساسها ومن أجل هذا فصل بين أجزاء الآية ؛
(٢) الآية ١٨٨ سورة آل عمران ؛
(٣) وهو بذلك يكون من حيث اللفظ ، نوعا من الجناس ، ويكون الاتفاق في غير الحرف الأخير أيضا كما يتضح من الأمثلة ؛
(٤) أي حال استعماله وحده ،
(٥) هكذا جاء هذا المثال بذكر الكلمة الثالثة ، ولم أجدها في لسان العرب ولا في القاموس وشرحه مع أنهم ذكروا بسن على أنه اتباع لحسن ،
(٦) تقدم ذكره ،