إذ هو صريح في التكرير لفظا ومعنى ، فهو تأكيد لا بدل ، وهذا مثل قوله في باب المنادى : إن الثاني في : يا زيد زيد : بدل ، وجميع ذلك تأكيد لفظي ، بلى يمكن في بدل البعض وبدل الاشتمال : إبدال الضمير المنصوب من المنصوب ، نحو : ثلث الرغيفين أكلتهما إياه ، وعلم الزيدين استحسنتهما إياه ، كما يجيء في باب البدل ، ولا يجوز ، إذن ، تخالف البدل والمبدل منه فلا يقال : أكلتهما هو ، كما جاز ذلك في التأكيد ، لأن المقصود في البدل هو الثاني ، فكأنه باشره الناصب ، فلا يجيء مرفوعا ، ألا ترى أنك تقول في باب النداء : يا زيد أخ ، فتجعله كالنداء المستقل ؛
هذا كله في غير المستقل ؛ وأمّا المستقل فتكرره بلا فصل ، نحو جاءني زيد زيد ، قال :
٣٤٩ ـ فأين إلى أين النجاء ببغلتي |
|
أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس (١) |
وقال في الحرف المستقل :
٣٥٠ ـ لا لا أبوح بحب بثنة انها |
|
أخذت عليّ مواثقا وعهودا (٢) |
أو مع فصل (٣) ، كقوله :
٣٥١ ـ تراكها من إبل تراكها (٤)
وقال تعالى : (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ)(٥) ؛
ويحسن التكرير ، إذا ذكرت ما يطلب شيئين ، أولهما له ذيل ، فيكرر المقتضى
__________________
(١) قائل هذا البيت مجهول ، والاستشهاد به كثير في كتب النحو ، ولم ينسبه أحد ممن استشهدوا به ؛
(٢) من كلام جميل بن معمر ، الذي اشتهر بجميل بثينة ، وبثنة في البيت هو اسمها ، وتصغيره بثينة ؛
(٣) مقابل لقوله : فتكرره بلا فصل ؛
(٤) تراك اسم فعل بمعنى اترك ، وقيل إن هذا الرجز لطفيل بن يزيد الحارثي وكان قد أغير على إبل له فلحق بالمغيرين وهو ينشد هذا الرجز ، وفي البيت روايات وحكايات كثيرة أوردها البغدادي في الخزانة ،
(٥) من الآية ٣٧ سورة يوسف ، وهي أيضا جزء من الآية ٧ سورة فصلت ؛