لا للمؤكد الأول ، فكأنه جعلها إمّا من القسم الثاني أو من الثالث ، لأنها بالنسبة لأجمعون ، كحسن بسن أو : خبيث نبيث ؛
وباب الاتباع بعضه مبنيّ ، كحيص بيص ؛ وحيث بيث ، كما يجيء في المركب ، ويجب أن يراعى تجانس اللفظين في باب الاتباع بما يمكن فلهذا قلبوا واو «بوص» ياء ، ، وأصله : حيص بوص ؛
وقد يكون مع التأكيد اللفظي عاطف نحو : والله ثم والله ، وقوله تعالى : (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ)(١) بعد قوله : لا تحسبنّ ، بخلاف التأكيد المعنوي فإنه لا يعطف بعض ألفاظه على بعض ، ولا يقطع ، كما جاز العطف والقطع في الوصف ، فلا يقال : جاءني القوم كلهم وأجمعون ولا جاءني القوم كلّهم أجمعين ، لأنه إنما جاز العطف في الوصف لكون الوصف المعطوف مستقلا بنفسه مستغنيا عما تقدم عليه ، وجاز القطع فيه تنبيها على المدح أو الذم أو الترحم ، الذي فيه ؛ وألفاظ التوكيد ليست مستقلة مستغنية عما تقدم عليها فيعطف بعضها على بعض ، ولا فيها معنى المدح والذم والترحم فتقطع ، فلو عطفت أو قطعت ، لكان كعطف الشيء على نفسه ، وقطع الشيء عن نفسه ؛
وقد يفيد بعض الابدال معنى ألفاظ الشمول فيجري مجرى التأكيد ، وذلك قولهم : ضرب زيد ظهره وبطنه ، أو : يده ورجله ، وهو بدل البعض من الكل في الأصل ، ثم يستفاد من المعطوف والمعطوف عليه معا معنى «كلّه» ، فيجوز أن يكون ارتفاعهما على البدل ، وعلى التأكيد ،
وكذا قولهم : مطرنا سهلنا وجبلنا ، ومطرنا زرعنا وضرعنا ، والمراد بالضرع : المواشي (٢) ومطر قومك ليلهم ونهارهم ، هذه الثلاثة في الأصل بدل الاشتمال فجرت مجرى التأكيد ، لأن المعنى : مطرت أماكننا كلها ، ومطرت أموالنا كلها ، ومطرت أوقاتهم كلها ،
__________________
(١) الآية ١٨٨ من سورة آل عمران ،
(٢) لأنها إذا شبعت امتلأت ضروعها باللبن ،