منفصلا ، فتقول في المرفوع : ضربت أنت ، وهو من باب تكرير اللفظ ، وإن كان الثاني مخالفا للأول لفظا ، إذ الضرورة داعية إلى المخالفة ، لأنه لا يجوز تكريره متصلا بلا عماد ، لئلا يصير المتصل غير متصل ؛
وتقول في المجرور : مررت بك أنت ومررت به هو ، لأنه لا ضمير للمجرور منفصل حتى يؤكد به ، فاستعير له المرفوع ؛
وأما المنصوب المتصل فأصله : ألّا يؤكد إلا بالمنصوب المنفصل ، إذ للمنصوب ضمير منفصل فيقال : رأيتك إياك ، ورأيته إياه ، لكنهم كما أجازوا تأكيده بالمنصوب المنفصل أجازوا تأكيده بالمرفوع المنفصل ، نحو : رأيتك أنت ورأيته هو ؛ فالمرفوع المنفصل يقع تأكيدا لفظيا لأي متصل كان ، مرفوعا أو منصوبا ، أو مجرورا ؛ وإنما كان كذا دون المنصوب المنفصل. لقوّته وأصالته ، إذ المرفوع قبل المنصوب والمجرور ، فتصرّف فيه أكثر ؛
ومن ثمّ لم يقع الفصل (١) ، إلا بصيغة المرفوع المنفصل ، كما يجيء في باب الضمائر ؛ ولو لا هذا النظر ، لكان القياس أن يؤكد الضمير المجرور بالمنصوب المنفصل ، لما بين الجر والنصب من الأخوّة ، كما مرّ في باب المثنى وجمعي التصحيح (٢) ، وباب ما لا يتصرف (٣)
وقال النحاة : إن المنفصل في نحو : ضربتك أنت : تأكيد ، وفي : ضربتك إياك بدل ، وهذا عجيب ، فإن المعنيين واحد ، وهو تكرير الأول بمعناه فيجب أن يكون كلاهما تأكيدا لاتحاد المعنيين ، والفرق بين البدل والتأكيد معنوي كما يظهر في حدّ كل منهما ؛
وقال الزمخشري في : مررت بك بك (٤) : إن الثاني بدل ، وهذا أعجب من الأول ،
__________________
(١) المراد ما يسمونه ضمير الفصل ،
(٢) يعني في الكلام على أوجه إعرابهما ص ٨٣ ج ١
(٣) ص ١٠٠ ج ١
(٤) شرح ابن يعيش على المفصل ج ٣ ص ٦٩ ،