بالمعروف ، (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ ،) من صلة المنفيّ ، وفيه نظر ، لأن المضارع للمضاف لا يبني ؛
وذهب ابن مالك ، إلى أن مثل هذا مضارع (١) معرب ، لكنه انتزع تنوينه ، تشبيها بالمضاف ؛
قوله : «وإن كان معرفة أو مفصولا بينه وبين لا ، وجب التكرير والرفع» ، اعلم أن «لا» التبرئة إنما تعمل لمشابهتها لانّ ، ووجه المشابهة أن : «إنّ» للمبالغة في الإثبات ، إذ معناها التحقيق لا غير ، و «لا» التبرئة للمبالغة في النفي ، لأنها لنفي الجنس (٢) ، فلما توغّلتا في الطرفين ، أعني في النفي والإثبات ، تشابهتا ، فأعملت عملها ، وعملها مع هذه المشابهة المذكورة ضعيف لوجهين : أحدهما أن أصلها التي هي «إنّ» ، إنما تعمل لمشابهتها الفعل ، لا بالأصالة ، فهي مشبّهة بالمشبّهة ؛ والثاني أن الظاهر أنّ بين «إنّ» و «لا» التبرئة تنافيا وتناقضا ، لا مشابهة ولا مقاربة ،
فعلى هذا نقول : إنما لم تعمل في المعرفة ، لأن وجه المشابهة ، وهو كونها لنفي الجنس لم يمكن حصوله فيها مع دخولها على المعرفة ، إذ ليست المعرفة لفظ جنس ، حتى ينتفي الجنس بانتفائها ، وكذا ، لم تعمل في المفصول بينه وبينها ، لما ذكرنا من ضعف عملها ، فلا تقدر على العمل في البعيد عنها ، وكما ، لم يجز العمل في المفصول ، لم يجز بناؤه أيضا ، لأن الموجب للبناء ، تضمّن «من» الاستفراقية ، ودليل تضمنها : «لا» التبرئة ، فلما بعد دليلها ضعف أمر التضمّن ؛
ومن قال : إن الفتحة إعرابية ، قال : إنما حذف التنوين بعد التركيب دلالة على التركيب ، وقد انتفى التركيب بالفصل ؛
__________________
(١) أي مضارع للمضاف وهو معرب ؛
(٢) أشرت عند تفسير قولهم : لا التبرئة ، أن معناه أنها برأت جنس الاسم عن الانصاف بالخبر ، وهذا اصطلاح منهم ،