قوله : «على ما ينصب به» ، هذا أولى ، كما مرّ في المنادى ؛ من قولهم : مبني على الفتح ، فدخل فيه نحو : لا غلامين لك ، ولا مسلمين لك ؛ ويعني بالمفرد : ما ليس بمضاف ولا مضارع له ، فدخل فيه المثنى والمجموع ؛
والفتحة في : «لا رجل» عند الزجاج والسيرافي : اعرابية ، خلافا للمبرد والأخفش وغيرهما ، وإنما وقع الاختلاف بينهم لإجمال قول سيبويه ، وذلك أنه قال : (١) و «لا» تعمل فيما بعدها فتنصبه بغير تنوين ، ثم قال : وإنما ترك التنوين في معمولها لأنها جعلت هي وما عملت فيه بمنزلة اسم واحد كخمسة عشر ؛ فأوّل المبرد قوله : تنصبه بغير تنوين ، بأنها نصبته أولا لكنة بني بعد ذلك فحذف منه التنوين للبناء ، كما حذف في خمسة عشر ، للبناء ، اتفاقا ؛ وقال الزجاج : بل مراده أنه معرب ، لكنه مع كونه معربا ، مركب مع عامله لا ينفصل عنه ، كما لا ينفصل عشر ، من خمسة ، فحذف التنوين مع كونه معربا لتثاقله بالتركيب مع عامله ؛
قال أبو سعيد (٢) : إنما ركب مع عامله ، لإفادة «لا» التبرئة (٣) ، للاستفراق كما أفادته «من» الاستفراقية في : هل من رجل في الدار ، لأن «لا رجل في الدار» جواب : هل من رجل ، فركبوا «لا» مع النكرة ، كما أن «من» مركبة معها ، تطبيقا للجواب بالسؤال ، ثم حذف التنوين لتثاقل الكلمة بالتركيب ، مع كونها معربة ؛
والأولى ما ذهب إليه المبّرد وأصحابه ، لأن حذف التنوين في حالة الوصل من الاسم المنون ، لغير الإضافة والبناء : غير معهود ، وأيضا : التركيب بين «لا» والمنفي ، ليس بأشدّ منه بين المضاف والمضاف إليه ، والجار والمجرور ؛ ولا يحذف التنوين من الثاني في الموضعين ؛
__________________
(١) هذا في سيبويه ج ١ ص ٣٤٥ ، وما بعدها ، وكذلك النقل الآتي قريبا عن سيبويه ، وكثير مما نقله هنا ، وارد بمعناه أو بلفظه في هذا الموضع من سيبويه
(٢) أي السيرافي ،
(٣) وضحنا فيما سبق معنى تسميتها لا التبرئة ؛