وقال سيبويه : إنما حذف التنوين من المنفي ، لأن «لا» ، لا تعمل الّا في النكرة ، و «لا» ومعمولها في موضع ابتداء ، فلما خولف بها عن حال أخواتها ، خولف بلفظها ؛ يعني أن اختصاصها بالتنكير ، وكون ما بعدها مبتدأ : سبب بناء معمولها ، على مذهب من قال ببنائه ، أو سبب حذف تنوين معمولها عند من قال باعرابه ، لأنها بمجموع الشيئين خالفت سائر العوامل ، كانّ وأخواتها ، فخولف بمعمولها سائر المعمولات ؛
وهذا ضعيف ، أعني بناء المعمول ، أو حذف التنوين منه لمخالفة العامل أخواته ؛ والحق أن نقول : أنه مبني لتضمنه لمن الاستفراقية ، وذلك لأن قولك : لا رجل ، نصّ في نفي الجنس ، بمنزلة : لا من رجل ، بخلاف : لا رجل في الدار ولا امرأة ، فإنه وإن كانت النكرة في سياق النفي تفيد العموم ، لكن لا نصاّ بل هو الظاهر ؛ كما أنّ : ما جاءني من رجل ، نصّ في الاستفراق ، بخلاف : ما جاءني رجل ، إذ يجوز أن يقال : لا رجل في الدار ، بل رجلان ، وما جاءني رجل ، بل رجلان ، ولا يجوز : لا رجل في الدار ، بالفتح ، بل رجلان ، وما جاءني من رجل بل رجلان للزوم التناقض ، فلما أرادوا التنصيص على الاستفراق ، ضمنوا النكرة معنى «من» فبنوها ؛ وإنما بنيت على ما تنصب به ، ليكون البناء على حركة استحقتها النكرة في الأصل قبل البناء ؛
ولم يبن المضاف ، ولا المضارع له ، لأن الإضافة ترجح جانب الاسمية فيصير الاسم بها إلى ما يستحقه في الأصل ، أعني الإعراب ، ولا يكون مضاف مبني إلا نادرا ، نحو : خمسة عشرك ، ونحوه ؛
ومن قال : المنفي معرب حذف تنوينه ، دلالة على كونه مركبا مع «لا» ، قال : لم يركب المضاف ، والمضارع له ، لأنه لا يركب أكثر من كلمتين ؛
وأمّا نحو : لا رجل ظريف (١) ، فسيجيئ حكمه ؛
ونحو : لا مسلمين ولا مسلمين ، مبني خلافا للمبرد ، فإن قال (٢) به لأن النون كالتنوين
__________________
(١) أي بتركيب الاسم مع صفته ،
(٢) فإن قال أي المبرد ، به أي بالإعراب المستفاد من قوله : مبني خلافا للمبرد ،