«ان» و «لا» التبرئة ، وخبر «كان» و «كاد» ومفعولا «ظن» ؛ ووجه مشابهتها للفضلة يجيء في أبوابها.
وإنما جاز تقدم كل واحد من جزأي الجملة الاسمية على الآخر لعمل كل واحد منهما في الآخر ، والعامل مقدم الرتبة على معموله ، لكن الأولى تقدم المسند إليه لسبق وجود المخبر عنه على الخبر ، وإن كان الخبر متقدما في الغاية ولم يلزم على هذا جواز تقدم الفاعل على الفعل لأن الفاعل معمول للفعل وليس عاملا فيه ، كما كان المبتدأ في الخبر (١).
ولم يعتنوا بحال المفاعيل ولم يلزموها موضعها الطبيعي أعني ما بعد العامل ، لكونها فضلات.
فظهر لك أن أصل الاسماء الإعراب ، فما وجدت منها مبنيا فاطلب لبنائه علة ، كما نذكره في المضمرات والمبهمات وأسماء الأفعال ، والكنايات وبعض الظروف.
وأما أسماء الأصوات ، وأسماء حروف التهجي ، فبناؤهما أصلي ولا يحتاج إلى تعليل ، واعرابهما في نحو قوله :
٨ ـ تداعين باسم الشيب في متثلم |
|
جوانبه من بصرة وسلام (٢) |
وقوله :
٩ ـ إذا اجتمعوا على ألف وواو |
|
وياء ، هاج بينهم جدال (٣) |
معلّل بكونهما مركبين ، وهو خلاف الأصل ، والله أعلم بالصواب.
__________________
(١) أي كما كان المبتدأ عاملا في الخبر ، بناء على القول بذلك.
(٢) البيت من قصيدة لذي الرمة ، يصف الإبل حين قطعها للقفار ، وتداعين أي دعا بعضها بعضا وروي : تنادين. والشيب اسم صوت حكاية لمشافر الإبل عند الشرب يريد أن الإبل شكت العطش في هذا المكان القفر الذي تهدمت جوانبه والبصرة بفتح الباء الحجارة البيض. والسّلام بكسر السين : الحجارة أيضا ، أو أراد بالمتثلم : الحوض المتهدم.
(٣) هذا البيت ليزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي ، وهو يريد في هذا البيت ذم النحويين ، روي عن الأصمعي أنه قال : أنشدني عيسى بن عمر ، بيتا ، هجابه النحويين وليس المراد أن البيت لعيسى بن عمر ، ومعنى البيت أنهم إذا اجتمعوا وتحدثوا في سبب الإعلال في حروف العلة هاج الجدال بينهم وطالت المناقشة.