بكر الخطيب : أوّل ما سمعت الحديث وقد بلغت إحدى عشرة سنة ، لأني ولدت في يوم الخميس لست بقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة وأوّل ما سمعت في المحرم من سنة ثلاث وأربعمائة.
قرأت بخطّ أبي الفرج غيث بن علي الصّوري وأجازه لي قال : سألت أبا بكر الحافظ عن مولده فقال : ولدت في يوم الخميس لست بقين من جمادي الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ، وكتبت عن شيخنا الأزهري سنة اثنتي عشرة وأربعمائة (١).
سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمّد البلخي يحكي عن بعض شيوخه ـ وأظنه أبا الفضل بن خيرون ـ أن أبا بكر الخطيب كان يذكر أنه لما حجّ شرب من ماء زمزم ثلاث شربات ، وسأل الله عزوجل ثلاث حاجات آخذا بقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ماء زمزم لما شرب له» [٨٠٩] فالحاجة الأولى : أن يحدث بتاريخ بغداد ببغداد ، والثانية : أن يملي الحديث بجامع المنصور ، والثالثة أن يدفن إذا مات عند قبر بشر الحافي. فلما عاد إلى بغداد حدّث بالتاريخ بها ، ووقع إليه جزء فيها (٢) سماع الخليفة القائم بأمر الله ، فحمل الجزء ومضى إلى باب حجرة الخليفة ، وسأل أن يؤذن له في قراءة الجزء ، فقال الخليفة : هذا رجل كبير في الحديث ، وليس له إلى السماع مني حاجة ، ولعل له حاجة أراد أن يتوصّل إليها بذلك ، فسلوه ما حاجته؟ فسئل فقال : حاجتي أن يؤذن لي أن أملي بجامع المنصور ، فتقدم الخليفة إلى نقيب النقباء بأن يؤذن له في ذلك ، فحضر النقيب وأملى الخطيب في جامع المنصور.
ولما مات أرادوا دفنه عند قبر بشر ، فجري في ذلك ما ذكر شيخنا أبو البركات إسماعيل بن أبي سعد الصّوفي المعروف بشيخ الشيوخ.
قال : لما توفي أبو بكر الخطيب الحافظ أوصى أن يدفن إلى جانب بشر بن الحارث رحمهالله ، وكان الموضع الذي بجنب بشر قد حفر فيه أبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي (٣) قبرا لنفسه ، وكان يمضي إلى ذلك الموضع ، ويختم فيه القرآن ويدعو ،
__________________
(١) بعدها في م ومطبوعة ابن عساكر ٧ / ٢٤ وسقط من الأصل : وأنا ابن عشرين سنة ، وأقلّ ما سمعت الحديث ؛ ولي إحدى عشرة سنة ، في سنة ثلاث وأربعمائة.
(٢) كذا ، وفي المختصر : «من» وفي تهذيب ابن عساكر والمطبوعة «فيه».
(٣) هذه النسبة إلى طريثيث : ناحية كبيرة من نواحي نيسابور.