به وسلمه إلى [أبي](١) عبد الله ، وائتني بالجواب.
قال الرّبيع : فدخلت بغداد ومعي الكتاب ، فصادفت أحمد بن حنبل في صلاة الصّبح ، فلمّا انفتل من المحراب سلّمت إليه الكتاب ، وقلت له : هذا كتاب أخيك الشّافعي من مصر ، فقال لي أحمد : نظرت فيه؟ فقلت : لا ، فكسر الختم وقرأ فتغرغرت عيناه ، فقلت له : إيش فيه يا أبا عبد الله؟ فقال : يذكر فيه أنه رأى النبيّ صلىاللهعليهوسلم في النّوم ، فقال له : اكتب إلى أبي عبد الله ، فاقرأ عليهالسلام ، وقل له : إنك ستمتحن وتدعى إلى خلق القرآن فلا تجبهم ، فسيرفع الله لك علما إلى يوم القيامة. قال الرّبيع فقلت له : البشارة يا أبا عبد الله فخلع أحد قميصيه الذي يلي جلده فأعطانيه ، فأخذت الجواب وخرجت إلى مصر وسلّمت (٢) إلى الشافعي فقال : إيش الذي أعطاك؟ فقلت : قميصه ، فقال الشافعي : ليس نفجعك به ، ولكن بلّه ، وادفع إليّ الماء لأتبرّك به.
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، قالا : نا أبو العباس محمّد بن يعقوب قال : سمعت العباس بن محمّد الدوري يقول : سمعت أبا جعفر الأنصاري (٣) يقول : لما حمل أحمد بن حنبل يراد به المأمون ، اجتزت فعبرت الفرات إليه فإذا هو في الخان ، فسلمت عليه ، فقال : يا أبا جعفر تعنّيت فقلت : ليس هذا عناء ، قال : فقلت له : يا هذا أنت اليوم رأس ، والناس يقتدون بك ، فو الله إن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن بإجابتك خلق من خلق الله ، فإن أنت لم تجب ليمتنعنّ خلق كثير من الناس ؛ ومع هذا فإن الرّجل إن لم يقتلك فإنك تموت ، ولا بدّ من الموت ، فاتّق الله ولا تجبهم إلى شيء. فجعل أحمد يبكي وهو يقول : ما شاء الله ، ما شاء الله.
قال : ثم قال لي أحمد : يا أبا جعفر ، أعد عليّ ما قلت. قال : فأعدت عليه. قال : فجعل يقول : ما شاء الله ، ما شاء الله.
أخبرنا أبو الفرج غيث بن علي ـ قراءة ـ أنا أبو بكر الخطيب ، أخبرني الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، أنا دعلج بن أحمد ـ إجازة ـ أنا أبو بكر الشهرزوري
__________________
(١) سقطت من الأصل.
(٢) كذا ، وفي الرواية السابقة : فسلّمته.
(٣) الأصل ومختصر ابن منظور ٣ / ٢٥٠ وفي مطبوعة ابن عساكر ٧ / ٢٧١ الأنباري.