حنبل ، فناوله يوما در همين فقال : اشتر بهما (١) كاغدا. فخرج الغلام واشترى له ، وجعل في جوف الكاغد خمس مائة دينار ، وشدّه وأوصله في بيت أحمد. فسأل فقال : حمل إلينا (٢) من البياض؟ فقالوا : بلى ، فوضع بين يديه ، فلما أن فتحه تناثر الدنانير ، فردّها في مكانها ، وسأل عن الغلام حتى دلّ عليه ، فوضعه بين يديه. فتبعه الفتى وهو يقول الكاغد اشتريته بدراهمك ، خذه. فأبى أن يأخذ الكاغد أيضا.
قال (٣) : ونا أبي ، نا أبو الحسن بن أبان ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي قال : عرض عليّ يزيد بن هارون خمس مائة درهم ، أو أكثر أو أقل ، فلم أقبل منه. وأعطى يحيى بن معين ، وأبا مسلم المستملي فأخذا منه.
قال (٤) : ونا محمّد بن جعفر بن يوسف ، نا محمّد بن إسماعيل بن أحمد ، نا صالح بن أحمد بن حنبل قال : دخلت على أبي في أيّام الواثق ـ والله يعلم في أيّ حالة نحن ـ وقد خرج لصلاة العصر ، وكان له لبد يجلس عليه ، قد أتت عليه سنون كثيرة حتى قد بلي ، فإذا تحته كتاب كاغد ؛ وإذا فيه : «بلغني يا أبا عبد الله ما أنت فيه من الضيق ، وما عليك من الدّين ، وقد وجهت إليك بأربعة آلاف درهم على يدي فلان ، لتقضي بها دينك وتوسع بها على عيالك وما هي من صدقة ولا زكاة ، وإنّما هي ميراث ورثته من أبي». فقرأت الكتاب ووضعته فلما دخل قلت : يا أبة ما هذا الكتاب؟ فاحمرّ وجهه. وقال : رفعته منك. ثم قال : تذهب بجوابه فكتب إلى الرّجل : «وصل كتابك إلي ، ونحن في عافية. فأمّا الدّين فإنه لرجل لا يرهقنا ، وأمّا عيالنا فإنهم (٥) في نعمة الله تعالى والحمد لله» فذهبت بالكتاب إلى الرّجل الذي كان أوصل كتاب الرّجل ، قال : ويحك لو أن أبا عبد الله قبل هذا الشيء ورمى به مثلا في دجلة كان مأجورا ، لأن هذا رجل لا يعرف له معروف. فلما كان بعد حين ورد كتاب الرّجل بمثل ذلك ، فرد عليه الجواب بمثل ما ردّ ، فلما مضت سنة أو أقل أو أكثر ذكرناها ، فقال : لو كنا قبلناها كانت قد ذهبت.
__________________
(١) عن حلية الأولياء وبالأصل «به».
(٢) عن حلية الأولياء وبالأصل «شيئا».
(٣) حلية الأولياء ٩ / ١٧٧.
(٤) حلية الأولياء ٩ / ١٧٨.
(٥) في حلية الأولياء : فهم.