قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تاريخ مدينة دمشق [ ج ٥ ]

تاريخ مدينة دمشق

الاجزاء

تحمیل

تاريخ مدينة دمشق [ ج ٥ ]

140/502
*

بكر محمّد بن عبد الرّحمن (١) الشّقّاق يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول : بقيت إحدى عشرة سنة أتردّد من مكة إلى المدينة ، ومن المدينة إلى مكة ؛ أريد أحجّ حجّة ، لا أرى مكة وأرى ربّ مكة ، فما صحّ لي منه يقين ، فلما كان بعد إحدى عشرة سنة ، [و](٢) أنا راجع من المدينة إلى مكة تراءى لي بعض الجنّ فقال لي : يا أبا سعيد قد والله رحمتك من كثرة تردادك في هذا الموضع ، وقد حضرني فيك أبيات فاسمع ، قلت : هات ، فأنشأ يقول :

أتيه فلا أدري من التيه من أنا

سوى ما يقول الناس فيّ وفي جنسي

أتيه على جنّ البلاد وإنسها

وإن لم أجد خلقا أتيه على نفسي

قال أبو سعيد : فقلت له : اسمع يا من لا يحسن يقول ، إن كنت تحسن تسمع وقلت :

أيا من يرى الأسباب أعلى وجوده

ويفرح بالتيه الدّنيّ وبالأنس

فلو كنت من أهل الدنوّ لغبت عن

مباشرة الأملاك والعرش والكرسي

وكنت بلا حال مع الله واقفا

تصان عن التذكار للجنّ والإنس

فاسمع صفاتي في الوجود فإنني

إذا غبت عن نفسي كغيبوبة الشمس

وقامت صفاتي للمليك بأسرها

وغابت صفاتي حين غبت عن الحسّ

وغاب الذي من أجله كان غيبتي

فذاك فنائي فافهموا يا بني جنسي

فهذا وجودي في المغيب بحاله

أقرّ به حتى يواري الثرى رمسي

ولست أبالي بعد موتي بصرعتي

ولو صيّر المحبوب دار الشقا حبسي

إذا كان ودي في ضميري ثابتا

وكان يراني في العذاب فهو عرسي

قال ابن جهضم : وحدثني أبو الحسن علي بن محمّد الخوارزمي المصري قال أبو سعيد السّكري : قال أحمد بن عيسى الخرّاز : كنت في البادية فنالني جوع شديد ، فغلبتني نفسي أن أسأل الله عزوجل طعاما. فقلت : ليس هذا من أفعال المتوكلين ،

__________________

(١) كذا بالأصل ، والذي في الأنساب (الشقاق) أن الذي صحب الخراز هو أبو بكر محمد بن عبد الله الشقاق الصوفي. وفي حلية الأولياء : الدقاق.

(٢) الزيادة ضرورية لاستقامة المعنى.