(قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ) أيّ شيء الساعة؟ استغرابا لها (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) أصله : نظنّ ظنّا ، فأدخل حرفا النفي والاستثناء لإثبات الظنّ ونفي ما عداه ، كأنّه قال : ما نحن إلّا نظنّ ظنّا. أو لنفي ظنّهم فيما سوى ذلك مبالغة. ثمّ أكّده بقوله : (وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) أي : لإمكانه.
(وَبَدا لَهُمْ) ظهر لهم (سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) على ما كانت عليه ، بأن عرفوا قبحها ، وعاينوا وخامة عاقبتها. أو جزاؤها. وتسميته بها من قبيل (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (١). (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي : جزاء استهزائهم.
(وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ) نترككم في العذاب ترك ما ينسى (كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) كما تركتم مقتضى عدته ، ولم تبالوا به. وإضافة اللقاء إلى اليوم إضافة المصدر إلى ظرفه ، كمعنى إضافة المكر في قوله : (مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) (٢) أي : نسيتم لقاء جزاء الله في يومكم هذا. (وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) يخلّصونكم منها ، ويدفعونها عنكم.
(ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً) استهزأتم بها ، ولم تتفكّروا فيها (وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) بحسنها وزينتها ، فحسبتم أن لا حياة سواها (فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها) وقرأ حمزة والكسائي بفتح الياء وضمّ الراء. (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) ولا يطلب منهم أن يعتبوا ربّهم ـ أي : يرضوه ـ لفوات أوانه. يقال : أعتبني فلان ، إذا عاد إلى مسرّتي راجعا عن الإساءة.
(فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ) إذ الكلّ نعمة منه ، ودالّ على كمال قدرته. فاحمدوه ، فإنّ مثل هذه الربوبيّة العامّة يوجب الحمد والثناء على كلّ مربوب.
__________________
(١) الشورى : ٤٠.
(٢) سبأ : ٣٣.