فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٥))
ولمّا بيّن سبحانه عظيم نعمه على العباد ، بيّن بعده أنّه لا يعاقبهم إلّا على معاصيهم ، فقال :
(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ) من بلوى في نفس أو مال (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) فبسبب معاصيكم. وذكر الفاء بناء على تضمين «ما» معنى الشرط. ولم يذكرها نافع وابن عامر استغناء بما في الباء من معنى السببيّة. (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) من الذنوب ، فلا يعاقب عليها. والآية مخصوصة بالمجرمين. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما من اختلاج عرق ولا خدش عود ولا نكبة حجر إلّا بذنب». وأمّا ما أصاب غيرهم ، من الأنبياء وسائر المعصومين من الأئمّة ، ومن الأطفال والمجانين ، فلأسباب أخر ، منها تعريضه للأجر العظيم بالصبر عليه.
وعن بعضهم : من لم يعلم أنّ ما وصل إليه من الفتن والمصائب باكتسابه ، وأنّ ما عفا عنه مولاه أكثر ، كان قليل النظر في إحسان ربّه إليه.
وعن بعض آخر : العبد ملازم للجنايات في كلّ أوان ، وجناياته في طاعاته أكثر من جناياته في معاصيه ، لأنّ جناية المعصية من وجه ، وجناية الطاعة من وجوه ، والله يطهّر عبده من جناياته بأنواع من المصائب ، ليخفّف عنه أثقاله في القيامة ، ولو لا عفوه ورحمته لهلك في أوّل خطوة.
وعن عليّ عليهالسلام ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من عفي عنه في الدنيا عفي عنه في الآخرة ، ومن عوقب في الدنيا لم تثنّ عليه العقوبة في الآخرة».