(وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (١). وقوله : (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ) (٢). (وَإِنَّهُمْ) وإنّ اليهود ، أو الّذين لا يؤمنون مطلقا (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) من التوراة ، أو القرآن (مُرِيبٍ) موجب للاضطراب وقلق النفس ، موقع لهم الريبة ، وهي أفظع الشك وأبلغه.
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) نفعه ، لأنّ ثواب ذلك واصل إليه قطعا (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) ضرّه ، لأنّ عقابه يلحق به دون غيره (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فيفعل بهم ما ليس له أن يفعله ، بأن يعذّب غير المسيء ، وغير ذلك.
وإنّما قال بصيغة المبالغة ، مع أنّه لا يظلم مثقال ذرّة ، للإشعار بأنّ من فعل الظلم وإن قلّ ـ وهو عالم بقبحه ، وبأنّه غنيّ عنه ـ لكان ظلّاما.
وقيل : هذا على طريق الجواب لمن زعم أنّه يظلم العباد ، فيأخذ أحدا بذنب غيره ، ويثيبه بطاعة غيره ، ولا شكّ أنّ ذلك غاية الظلم ونهاية التعدّي.
(إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧) وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨))
ثمّ بيّن سبحانه أنّه العالم بوقت القيامة دون غيره ، فقال : (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) أي : قل ذلك لهم إذا سألوا عنها ، إذ لا يعلمها إلّا هو (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها) من أوعيتها. جمع كمّ بالكسر ، وهو وعاء الثمرة. وقرأ نافع وابن عامر
__________________
(١) النحل : ٦١.
(٢) القمر : ٤٦.