فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨) لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩))
ثمّ بيّن سبحانه بعث الأنبياء على عباده إرشادا لهم إلى الطاعات البدنيّة ، المثمرة للخضوع والخشوع ، الزاجرين عن البطر والاختيال ، وإلى العبادات الماليّة المنتجة للإحسان على المحتاجين ، المانعة عن البخل المذموم عند ربّ العالمين ، فقال :
(لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا) أي : الملائكة إلى الأنبياء ، أو الأنبياء إلى الأمم (بِالْبَيِّناتِ) بالحجج والمعجزات (وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ) المكتوب الّذي يتضمّن الأحكام ، وما يحتاج إليه الخلق من الحلال والحرام ، كالتوراة والإنجيل والقرآن ، ليبيّن الحقّ ، ويميّز صواب العمل (وَالْمِيزانَ) ذا الكفّتين الّذي يوزن به لتسوى به الحقوق ، ويقام به العدل ، كما قال : (لِيَقُومَ النَّاسُ) في معاملاتهم (بِالْقِسْطِ). وإنزاله إنزال أسبابه ، والأمر بإعداده.