باطلهم (وَيَلْعَبُوا) في دنياهم (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) وهو دلالة على أنّ قولهم هذا جهل واتّباع هوى ، وأنّهم مطبوع على قلوبهم خذلانا وتخلية ، كقوله : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) (١). وإيعاد بالشقاء الأبدي في العاقبة.
ولمّا بيّن سبحانه وحدانيّته عقّبه تأكيدا لها قوله : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) أي : مستحقّ لأن يعبد فيهما. والظرف متعلّق به ، لأنّه بمعنى المعبود ، أو متضمّن معناه ، كقولك : هو حاتم في البلد ، على تضمين معنى الجواد الّذي شهر به ، كأنّك قلت : هو جواد في البلد.
والراجع إلى الموصول مبتدأ محذوف ، لطول الصلة بمتعلّق الخبر والعطف عليه. ويجوز أن يكون «في السماء» صلة «الّذي» و «إله» خبر مبتدأ محذوف ، على أنّ الجملة بيان للصلة ، وأنّ كونه في السماء على سبيل الإلهيّة والربوبيّة ، لا على معنى الاستقرار. وفيه نفي الآلهة السماويّة والأرضيّة ، واختصاصه باستحقاق الألوهيّة.
وكرّر لفظ «إله» لأمرين ، أحدهما : التأكيد ، ليتمكّن المعنى في النفس. والثاني : لأنّ المعنى : هو إله في السماء يجب على الملائكة عبادته ، وإله في الأرض يجب على الإنس والجنّ عبادته.
(وَهُوَ الْحَكِيمُ) في جميع أفعاله (الْعَلِيمُ) بمصالح عباده. وهذا كالدليل على وحدانيّته في الألوهيّة.
ثمّ نزّه ذاته عن الشركة بقوله : (وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) كالهواء ، أي : جلّ عن أن يكون له ولد أو شبيه من له التصرّف في السماوات والأرض وفيما بينهما ، بلا دافع ولا منازع. أو دامت بركته. (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) العلم بالساعة الّتي تقوم القيامة فيها ، لأنّه لا يعلم وقته على التعيين غيره
__________________
(١) فصّلت : ٤٠.