وقيل للقمان : أيّ الناس شرّ؟ قال : الّذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا.
وفي كتاب من لا يحضره الفقيه : «قال لقمان لابنه : يا بنيّ! إنّ الدنيا بحر عميق ، وقد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الإيمان بالله ، واجعل شراعها التوكّل على الله ، واجعل زادك فيها تقوى الله عزوجل ، فإن نجوت فبرحمة الله ، وإن هلكت فبذنوبك» (١).
وروى سليمان بن داود المنقريّ ، عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «في وصيّة لقمان لابنه : يا بنيّ سافر بسيفك وخفّك وعمامتك وخبائك وسقائك وخيوطك ومخرزك (٢). وتزوّد معك من الأدوية ما تنتفع به أنت ومن معك. وكن لأصحابك موافقا إلّا في معصية الله عزوجل.
يا بنيّ! إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم ، وأكثر التبسّم في وجوههم ، وكن كريما على زادك بينهم. فإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوا بك فأعنهم. واستعمل طول الصمت ، وكثرة الصلاة ، وسخاء النفس بما معك من دابّة أو ماء أو زاد.
وإذا استشهدوك على الحقّ فاشهد لهم ، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، لا تعزم حتّى تثبّت وتنظر. ولا تجب في مشورة حتّى تقوم فيها وتقعد ، وتنام وتأكل وتصلّي ، وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورته ، فإنّ من لم يمحّض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ، ونزع عنه الأمانة.
وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، فإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم.
واسمع لمن هو أكبر منك سنّا. وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا فقل : نعم ، ولا تقل :
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ٢ : ١٨٥ ح ٨٣٣.
(٢) المخرز : ما يخرز به ويثقب ، كالإبرة.