على خلاف ذلك.
وثانيهما : أنّ الأفّاكين يلقون السمع إلى الشياطين ، فيتلقّون منهم ظنونا وأمارات ، لنقصان علمهم ، فيضمّون إليها على حسب تخيّلاتهم أشياء لا يطابق أكثرها الواقع. ولا كذلك محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّه أخبر عن مغيّبات كثيرة لا تحصى ، وقد طابق كلّها.
واعلم أنّ محلّ «يلقون» يجوز أن يكون نصبا على الحاليّة ، أيّ : تنزّل ملقين السمع. أو جرّا صفة لـ «كلّ أفّاك» لأنّه في معنى الجمع. ويحتمل أن لا يكون له محلّ من الإعراب ، بأن يكون كلاما مستأنفا ، كأنّ قائلا قال : لم تنزّل على الأفّاكين؟ فقيل : يلقون السمع ... إلخ.
(وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧))
روي : أنّ شعراء المشركين من قريش ، مثل عبد الله بن الزبعري السهمي ، وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطّلب ، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي ، ومسافع بن عبد مناف الجمحي ، وأبو عزّة عمرو بن عبد الله ، ومن ثقيف أميّة بن أبي الصلت ، تكلّموا بالكذب والباطل ، وقالوا : نحن نقول مثل ما قال محمّد. وكانوا يهجونه وأصحابه في الشعر. واجتمع إليهم غواة من قومهم ، يستمعون أشعارهم ، ويروون عنهم أهاجيهم ، فنزلت :