أنّهم ما يفعلون غير التكذيب ، ولا يشتغلون بغيره. ومثاله : أن تقول لراعيك ـ وقد عرفت أنّه يأكل نعمك ويفسدها ـ : أتأكل نعمي وتفسدها؟ مع علمك أنّه لا يعمل بها إلّا الأكل والإفساد ، لتبهته وتعلمه علمك بأنّه لا يجيء منه إلّا أكلها وإفسادها ، وأنّه لا يقدر أن يدّعي حفظها وإصلاحها ، لما شهر من خلاف ذلك.
والكفّار يخاطبون بهذا القول قبل كبّهم في النار ، ثمّ يكبّون فيها. وذلك قوله : (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ) ووجب عليهم ، وحلّ بهم العذاب الموعود ، وهو كبّهم في النار (بِما ظَلَمُوا) بسبب ظلمهم ، وهو التكذيب بآيات الله (فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ) باعتذار ، لشغلهم بالعذاب ، وعظم هول ما يشاهدونه. ومثل ذلك قوله : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) (١).
(أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (٨٧) وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ (٨٨) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠))
__________________
(١) المرسلات : ٣٥.