وإن وقعت في وقت آخر.
(وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) كرّره تأكيدا إلى تأكيد ، وتسلية على تسلية ، وإطلاقا بعد تقييد ، للإشعار بأنّه يبصر ، وأنّهم يبصرون ما لا يحيط به الذكر من أصناف المسرّة له ، وأنواع المساءة لهم. وقيل : الأوّل لعذاب الدنيا ، والثاني لعذاب الآخرة.
(سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢))
ثمّ نزّه سبحانه نفسه عن وصفهم وبهتهم ، فقال : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ) تنزيها لربّك مالك العزّة (عَمَّا يَصِفُونَ) عمّا قاله المشركون فيه على ما حكى في الصورة. وإضافة الربّ إلى العزّة لاختصاصها به ، إذ لا عزّة إلّا له أو لمن أعزّه ، كما تقول : صاحب صدق ، لاختصاصه بالصدق. وقد أدرج فيه جملة صفاته السلبيّة والثبوتيّة مع الإشعار بالتوحيد.
(وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) تعميم للرسل بالتسليم بعد تخصيص بعضهم ، أي : سلامة وأمان لهم من أن ينصر عليهم أعداؤهم (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) على ما أفاض عليهم ، وعلى من اتّبعهم من النعم وحسن العاقبة. ولذلك أخّره عن التسليم. والمراد تعليم المؤمنين كيف يحمدونه ويسلّمون على رسله.
وروى الأصبغ بن نباتة عن عليّ عليهالسلام : «من أحبّ أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة ، فليكن آخر كلامه من مجلسه : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ ...) إلى آخر السورة». وقد روي أيضا مرفوعا إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.