(مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ) أي يدعون فيها بألوان كثيرة من الفاكهة والشراب وهم متكئون على الأرائك ، وإنما خص الشراب والفاكهة من بين ما يتنعم به فيها ، لأن بلاد العرب قليلة الفواكه والأشربة ، فالنفس إليها أشوق ، وفي ذكرها أرغب ، كما أن في ذلك إيماء إلى أن مطاعمهم لمحض التفكه والتلذذ دون التغذي لأنه إنما يكون لتحصيل بدل المتحلل ، ولا تحلل فيها.
وبعد أن وصف المسكن والمأكول والمشروب وصف الأزواج فقال :
(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ) أي وعندهم نساء ذوات خفر قصرن طرفهن على أزواجهن ، فلا يلتفتن إلى غير بعولتهن ، وهن متساويات في السن والجمال يجب بعضهن بعضا ، وفي ذلك راحة عظيمة للأزواج ، إذ في تباغض الضرائر النّصب والتعب والهمّ الكثير للزوج ولهنّ.
(هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ) أي هذا الذي ذكرنا من صفة الجنة هو ما وعد الله به عباده المتقين ، يصيرون إليه بعد نشورهم ، وقيامهم من قبورهم.
ثم أخبر بأن نعيم الجنة دائم لا يزول ولا ينقطع فقال :
(إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ) أي إن هذا النعيم وتلك الكرامة ـ لعطاء دائم غير مجذوذ ولا منقطع.
ونحو الآية قوله : «ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ» وقوله : «عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ» أي مقطوع ، وقوله : «لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ» أي منقطع. وقوله : «أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها».
(هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (٥٦) هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (٥٨) هذا