لا تكون حجّة على
مجتهد آخر ، ولا يجوز التعويل عليها. وهذا معنى ما ذهبوا إليه من عدم جواز التقليد
، أي بالنسبة إلى من يتمكّن من الاستنباط.
والحقّ
أنّه لا دليل على
حجّيّة الظنّ الناشئ من الشهرة ، مهما بلغ من القوّة ، وإن كان من المسلّم به أنّ
الخبر الذي عمل به المشهور حجّة ولو كان ضعيفا من ناحية السند ، كما سيأتي بيانه
في محلّه. وقد ذكروا لحجّيّة الشهرة جملة من الأدلّة ، كلّها مردودة
:
الدليل الأوّل :
أولويّتها من خبر العادل
قيل : «إنّ أدلّة حجّيّة خبر الواحد تدلّ على حجّيّة الشهرة
بمفهوم الموافقة ؛ نظرا إلى أنّ الظنّ الحاصل من الشهرة أقوى غالبا من الظنّ
الحاصل من خبر الواحد ، حتى العادل ، فالشهرة أولى بالحجّيّة من خبر العادل».
والجواب أنّ هذا المفهوم إنّما يتمّ إذا أحرزنا على نحو اليقين أنّ
العلّة في حجّيّة خبر العادل هي إفادته الظنّ ، ليكون ما هو أقوى ظنّا أولى
بالحجّيّة. ولكن هذا غير ثابت في وجه حجّيّة خبر الواحد إذا لم يكن الثابت عدم
اعتبار الظنّ الفعليّ.
الدليل الثاني :
عموم تعليل آية النبأ
وقيل : «إنّ عموم التعليل في آية النبأ (أَنْ
تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) يدلّ على اعتبار مثل الشهرة ؛ لأنّ الذي يفهم من التعليل
أنّ الإصابة من الجهالة هي المانعة من قبول خبر الفاسق بلا تبيّن ، فيدلّ على أنّ
كلّ ما يؤمن معه من الإصابة بجهالة فهو حجّة يجب الأخذ به. والشهرة كذلك».
والجواب أنّ هذا ليس تمسّكا بعموم التعليل ـ على تقدير تسليم أنّ
هذه الفقرة من الآية واردة مورد التعليل ، وقد تقدّم بيان ذلك في أدلّة حجّيّة خبر
الواحد ـ ، بل هذا
__________________