على الذات ، مباينة لها ماهية ووجودا ، كالأبيض بالقياس إلى الجسم ، فإنّ صدق الأبيض عليه باعتبار عرض (١) صفة البياض عليه الخارجة عن مقام ذاته ؛ وأخرى يكون منتزعا منه باعتبار نفس ذاته بلا ضمّ حيثيّة زائدة على الذات ، كالأبيض بالقياس إلى نفس البياض ؛ فإنّ نفس البياض ذاته بذاته منشأ لانتزاع الأبيض منه بلا حاجة إلى ضمّ بياض آخر إليه ؛ لأنّه بنفس ذاته أبيض لا ببياض آخر. ومثل ذلك صفات الكمال لذات واجب الوجود ؛ فإنّها منتزعة من مقام نفس الذات لا بضمّ حيثيّة أخرى زائدة على الذات.
وعليه ، فلا يجب في كلّ عنوان منتزع أن يكون انتزاعه من الذات باعتبار ضمّ حيثيّة زائدة على الذات.
وأمّا ثانيا : فإنّ العنوان لا يجب فيه أن يكون كاشفا عن حقيقة متأصّلة على وجه يكون انطباق العنوان أو مبدئه عليه من باب انطباق الكلّي على فرده ، بل من العناوين ما هو مجعول ومعتبر لدى العقل لصرف الحكاية والكشف عن المعنون ، من دون أن يكون بإزائه في الخارج حقيقة متأصّلة ، مثل عنوان «العدم» و «الممتنع» ، بل مثل عنوان «الحرف» و «النسبة» ؛ فإنّه لا يجب في مثله فرض حيثيّة متأصّلة ينتزع منها العنوان. ومثل هذا العنوان المعتبر قد يكون عامّا يصحّ انطباقه على حقائق متعدّدة ، من دون أن يكون بإزائه حيثيّة واقعية غير تلك الحقائق المتأصّلة. ولعلّ عنوان الغصب من هذا الباب في انطباقه على الصلاة ـ التي تتألّف من حقائق متباينة ـ وعلى غيرها من سائر التصرّفات ، فكلّ تصرّف في مال الغير بدون رضاه غصب مهما كانت حقيقة ذلك التصرّف ، ومن أيّة مقولة كانت.
ثمرة المسألة
من الواضح ظهور ثمرة النزاع فيما إذا كان المأمور به عبادة ؛ فإنّه بناء على القول بالامتناع ، وترجيح جانب النهي ـ كما هو المعروف ـ تقع العبادة فاسدة مع العلم بالحرمة ، والعمد بالجمع بين المأمور به والمنهيّ عنه ـ كما هو المفروض في المسألة ـ ؛ لأنّه لا أمر مع ترجيح جانب النهي ، وليس هناك في ذات المأتيّ به ما يصلح للتقرّب به مع فرض
__________________
(١) وفي المطبوع سابقا : «عروض» ولكنه لا تساعده اللغة.