الباب الأوّل
الكتاب العزيز
تمهيد
إنّ القرآن الكريم هو المعجز الخالد لنبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله ، والموجود بأيدي الناس بين الدفّتين هو الكتاب المنزل إلى الرسول بالحقّ ، لا ريب فيه ، هدى ، ورحمة (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ). (١)
فهو ـ إذن ـ الحجّة القاطعة بيننا وبينه (تعالى) ، التي لا شكّ ولا ريب فيها ، وهو المصدر الأوّل لأحكام الشريعة الإسلاميّة بما تضمّنته آياته من بيان ما شرعه الله (تعالى) للبشر. وأمّا ما سواه ـ من سنّة أو إجماع أو عقل ـ فإليه ينتهي ، ومن منبعه يستقي.
ولكنّ الذي يجب أن يعلم أنّه قطعيّ الحجّة من ناحية الصدور فقط ؛ لتواتره عند المسلمين جيلا بعد جيل. وأمّا من ناحية الدلالة فليس قطعيّا كلّه ؛ لأنّ فيه متشابها ، ومحكما.
ثمّ «المحكم» منه ما هو نصّ ـ أي قطعيّ الدلالة ـ ، ومنه ما هو ظاهر تتوقّف حجّيّته على القول بحجّيّة الظواهر.
ومن الناس من لم يقل بحجّيّة ظاهره خاصّة ، (٢) وإن كانت الظواهر حجّة.
ثمّ إنّ فيه ناسخا ومنسوخا ، وعامّا وخاصّا ، ومطلقا ومقيّدا ، ومجملا ومبيّنا ، وكلّ ذلك لا يجعله قطعيّ الدلالة في كثير من آياته. (٣)
__________________
(١) يونس (١٠) الآية : ٣٧.
(٢) منهم المحدّث الاسترآباديّ في الفوائد المدنيّة : ١٢٨ ، والمحدّث البحرانيّ في الدرر النجفيّة : ١٧٤.
(٣) أي كلّ ذلك أمور تمنع عن كون القرآن قطعيّ الدلالة في كثير من آياته.