الحجّ عندها. وذلك نظير الفوت في قوله عليهالسلام : «اقض ما فات كما فات» (١) ؛ فإنّه لا يجب تحصيله لأجل امتثال الأمر بالقضاء ، بل إن اتّفق الفوت وجب القضاء.
٥. المقدّمة الداخليّة
تنقسم المقدّمة الوجوديّة إلى قسمين : داخليّة وخارجيّة.
١. «المقدّمة الداخليّة» هي جزء الواجب المركّب ، كالصلاة. وإنّما اعتبروا الجزء مقدّمة ، فباعتبار أنّ المركّب متوقّف في وجوده على أجزائه ، فكلّ جزء في نفسه هو مقدّمة لوجود المركّب ، كتقدّم الواحد على الاثنين. وإنّما سمّيت : «داخليّة» فلأجل أنّ الجزء داخل في قوام المركّب ، وليس للمركّب وجود مستقلّ غير نفس وجود الأجزاء.
٢. «المقدّمة الخارجيّة» وهي كلّ ما يتوقّف عليه الواجب وله وجود مستقلّ خارج عن وجود الواجب.
والغرض من ذكر هذا التقسيم هو بيان أنّ النزاع في مقدّمة الواجب هل يشمل المقدّمة الداخليّة أو أنّ ذلك يختصّ بالخارجيّة؟
ولقد أنكر جماعة شمول النزاع للداخليّة (٢). وسندهم في هذا الإنكار أحد أمرين :
الأوّل : إنكار المقدّميّة للجزء رأسا ، باعتبار أنّ المركّب نفس الأجزاء بالأسر فكيف يفرض توقّف الشيء على نفسه؟! (٣)
__________________
ـ الواجب ، وإذا انتفى الشرط ينتفي المشروط ، فلا وجوب للواجب قبل وجود المقدّمة الوجوبيّة حتى يجب تحصيلها ، وأمّا بعد وجود المقدّمة الوجوبيّة فوجوبها تحصيل للحاصل. ومثاله : الاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحجّ ؛ فإنّه لا وجوب للحجّ قبل الاستطاعة حتى يجب تحصيلها ، وأمّا بعد وجودها فلا معنى لوجوب تحصيلها ؛ لأنّه تحصيل للحاصل ، وذلك لأنّها أخذت مفروضة الوجود في الخارج في مقام الجعل ، فلا يعقل إيجابها من هذه الناحية.
(١) هذا مفاد الأحاديث. فراجع الكافي ٣ : ٤٥١.
(٢) ومنهم : صاحب هداية المسترشدين : ٢١٦ ، وكفاية الأصول : ١١٥ ، وفوائد الأصول ١ : ٢٦٨ ، نهاية الأفكار ١ : ٢٦٩ ، والمحاضرات ٢ : ٣٠٢.
(٣) وهذا ما نسبه الشيخ محمد تقي الأصفهانيّ إلى بعض الأفاضل ، راجع هداية المسترشدين : ٢١٦.