نحوهما ، وما
يدركه لا من سبب عامّ للجميع ، لا يدخل في موضوع مسألتنا.
ونزيد هذا بيانا
وتوضيحا هنا ، فنقول :
إنّ مصالح الأحكام
الشرعيّة المولويّة ـ التي هي نفسها ملاكات أحكام الشارع ـ لا تندرج تحت ضابط نحن
ندركه بعقولنا ؛ إذ لا يجب فيها أن تكون هي بعينها المصالح العموميّة المبنيّ
عليها حفظ النظام العامّ وإبقاء النوع التي هي ـ أعني هذه المصالح العموميّة ـ مناطات
الأحكام العقليّة في مسألة التحسين والتقبيح العقليّين.
وعلى هذا ، فلا
سبيل للعقل بما هو عقل إلى إدراك جميع ملاكات الأحكام الشرعيّة ، فإذا أدرك العقل
المصلحة في شيء أو المفسدة في آخر ولم يكن إدراكه مستندا إلى إدراك المصلحة أو
المفسدة العامّتين اللتين يتساوى في إدراكهما جميع العقلاء ؛ فإنّه ـ أعني العقل ـ
لا سبيل له إلى الحكم بأنّ هذا المدرك يجب أن يحكم به الشارع على طبق حكم العقل ،
إذ يتحمل أنّ هناك ما هو مناط لحكم الشارع غير ما أدركه العقل ، أو أنّ هناك مانعا
يمنع من حكم الشارع على طبق ما أدركه العقل ، وإن كان ما أدركه مقتضيا لحكم
الشارع.
ولأجل هذا نقول :
إنّه ليس كلّ ما حكم به الشرع يجب أن يحكم به العقل ؛ وإلى هذا يرمى قول إمامنا
الصادق عليهالسلام : «إنّ دين الله لا يصاب بالعقل» ؛ ولأجل هذا أيضا نحن لا نعتبر القياس والاستحسان من الأدلّة الشرعيّة على
الأحكام.
وعلى هذا التقدير
، فإن كان ما أنكره صاحب الفصول والأخباريّون من الملازمة هي الملازمة في مثل تلك
المدركات العقليّة التي هي ليست من المستقلاّت العقليّة التي تطابقت عليها آراء
العقلاء ـ بما هم عقلاء ـ فإنّ إنكارهم في محلّه ، وهم على حقّ فيه ، لا نزاع لنا
معهم فيه. ولكن هذا أمر أجنبيّ عن الملازمة المبحوث عنها في المستقلاّت العقليّة.
وإن كان ما أنكروه هو مطلق الملازمة حتّى في المستقلاّت العقليّة ـ كما قد يظهر
__________________