موضوع النزاع؟
فنقول :
أوّلا : قد يطلق الحسن والقبح ويراد بهما الكمال والنقص. ويقعان
وصفا بهذا المعنى للأفعال الاختياريّة ولمتعلّقات الأفعال ، فيقال ـ مثلا ـ : «العلم
حسن ، والتعلّم حسن» ، وبضدّ ذلك يقال : «الجهل قبيح ، وإهمال التعلّم قبيح».
ويراد بذلك أنّ العلم والتعلّم كمال للنفس وتطوّر في وجودها ، وأنّ الجهل وإهمال
التعلّم نقصان فيها وتأخّر في وجودها.
وكثير من الأخلاق
الإنسانيّة حسنها وقبحها باعتبار هذا المعنى ، فالشجاعة والكرم والحلم والعدالة
والإنصاف ونحو ذلك إنّما حسنها باعتبار أنّها كمال للنفس وقوّة في وجودها. وكذلك
أضدادها قبيحة ؛ لأنّها نقصان في وجود النفس وقوّتها. ولا ينافي ذلك أنّه يقال
للأولى : «حسنة» وللثانية : «قبيحة» باعتبار معنى آخر من المعنيين الآتيين.
وليس للأشاعرة
ظاهرا نزاع في الحسن والقبح بهذا المعنى ، بل جملة منهم يعترفون بأنّهما عقليّان ؛ لأنّ هذه من القضايا اليقينيّات التي وراءها واقع خارجيّ تطابقه ، على ما
سيأتي .
ثانيا : إنّهما قد يطلقان ويراد بهما الملاءمة للنفس والمنافرة
لها ، ويقعان وصفا بهذا المعنى أيضا للأفعال ومتعلّقاتها من أعيان وغيرها.
فيقال في
المتعلّقات : «هذا المنظر حسن جميل» ، «هذا الصوت حسن مطرب» ، «هذا المذوق حلو حسن»
... وهكذا.
ويقال في الأفعال
: «نوم القيلولة حسن» ، «الأكل عند الجوع حسن» و «الشرب بعد العطش حسن» ... وهكذا.
وكلّ هذه الأحكام
لأنّ النفس تلتذّ بهذه الأشياء وتتذوّقها لملاءمتها لها. وبضدّ ذلك يقال في
المتعلّقات والأفعال : «هذا المنظر قبيح» ، «ولولة النائحة قبيحة» ، «النوم على
الشبع
__________________