جاء من قبل حكم الشارع بالحرية. وعلى فرضه فلا وجه لقيمة يوم التولد ، بل مقتضى القاعدة (١) قيمة يوم الانعقاد ، لأنه انعقد حرّا ، فيكون التفويت في ذلك
______________________________________________________
وزعمت أنها حرّة فتزوجها رجل منهم وأولدها ولداً ، ثمّ إنّ مولاها أتاهم فأقام عندهم البينة أنها مملوكة وأقرّت الجارية بذلك ، فقال : «تدفع إلى مولاها هي وولدها ، وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمة يوم يصير إليه» (١).
إذ من الظاهر أنه لا اعتبار بالخصوصيات المذكورة فيها من التدليس وغيره في الحكم ، وإنما المدار على جهل الزوج بالحرمة ، سواء أكان ذلك ناشئاً من جهله بالموضوع أم جهله بالحكم خاصة ، فيشمل الحكم كلتا الصورتين وإن كان موردها هو الأوّل خاصة.
ومما يؤكد ذلك قوله (عليه السلام) في ذيل الصحيحة في جواب السؤال عما لو امتنع الأب عن السعي في ثمن ولده : «فعلى الإمام أن يفتديه ولا يملك ولد حر».
فإنه واضح الدلالة على عدم اختصاص الحكم بفرض الشبهة الموضوعية ، وإن العبرة إنما هي بكون الوطء شبهة ، بحيث ينتسب الولد إليه شرعاً ويتّصف بكونه ولداً للحرّ ، من دون فرق بين أن يكون ذلك من جهة التدليس أو من جهة أُخرى غيره. ومن هنا فيحكم بحرية الولد مع لزوم دفع قيمته إلى مولاها ، جمعاً بين الحقّين.
ومع قطع النظر عن ذلك ، فمن البعيد جدّاً أن يكون حكم الجهل بالحكم لا سيما إذا كان عن تقصير أهون من حكم الجهل بالموضوع ، فيجب في الثاني مضافاً إلى دفع العشر أو نصفه قيمة الولد ، في حين يكون الولد له في الأوّل من دون دفع شيء.
وكيف كان ، فما ذكره جماعة من المحققين من وجوب دفع قيمة الولد يوم يسقط حياً الذي هو يوم يصير الولد إلى أبيه لمولاها ، هو الصحيح على ما تقتضيه نصوص التدليس.
(١) لكن العمل بها يتوقّف على عدم النص ، وحيث قد عرفت وجوده فلا مجال
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب ٦٧ ح ٥.