.................................................................................................
______________________________________________________
لكن عن جامع المقاصد أنّ المشهور بين الأصحاب جواز وصيّة السفيه في البر والمعروف (١).
والصحيح أن أدلة الحجر قاصرة الشمول لوصيّة السفيه. أما الآية الكريمة (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) (٢) فهي ناظرة إلى دفع أموالهم إليهم ليتصرفوا فيها كيف يشاؤون ، فهي منصرفة عن الوصيّة ولا تنظر إليها. ولا يبعد دعوى ذلك في نصوص الحجر أيضاً.
ولعل الوجه فيه أن هذا الجعل (الحجر) إنما هو لمصلحة السفيه ومراعاة حفظ أمواله ، وإلّا فهو مالك له بلا إشكال ، فيختص بتصرفاته فيها حال حياته حيث تكون الأموال مملوكة له ، ولا تشمل بعد مماته لأنها تنتقل عنه إلى غيره لا محالة وبناءً على صحّة وصيّته تنتقل إلى الموصى له في الوصيّة التمليكية ، وتبقى في ملكه في العهدية. ومن هنا لا يكون في الحجر عليه من هذه الجهة أي امتنان عليه ، بل يكون هو خلاف الامتنان في حقه.
ويؤيده معتبرة أبي الحسين الخادم بياع اللؤلؤ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سأله أبي وأنا حاضر عن اليتيم متى يجوز أمره؟ قال (حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ). قال : وما أشده؟ قال : «احتلامه». قال : قلت : قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة أو أقل أو أكثر ولم يحتلم؟ قال : «إذا بلغ وكتب عليه الشيء جاز أمره ، إلّا أن يكون سفيهاً أو ضعيفاً» (٣).
فإنها ظاهرة في اختصاص الحجر على السفيه بما يكون عليه ، فلا يشمل ما لا يكون كذلك ، والوصيّة منها كما عرفت. ولذا يصح قبوله للوصيّة له بلا خلاف فيه فيما نعلم وإن كان المال لا يدفع إليه.
كما يؤيِّده معتبرة محمّد بن مسلم كما في التهذيب عن أحدهما (عليهما السلام)
__________________
(١) جامع المقاصد ١٠ : ٣٣.
(٢) سورة النساء ٤ : ٦.
(٣) الوسائل ، ج ١٨ كتاب الحجر ، ب ٢ ح ٥.