.................................................................................................
______________________________________________________
الفضولية إما هو الإذن السابق أو الرضا المتأخر ، ولا شيء منهما متحقق في
المقام.
إلّا أن الشيخ
الأعظم (قدس سره) لم يرتض ذلك ، حيث ذهب إلى كفايته في خروج العقد عن الفضولية ،
واستند فيه إلى ظواهر كلمات الفقهاء وجملة من النصوص.
فإنهم حكموا
بعدم كفاية السكوت ، معللين ذلك بأنه أعم من الرضا ، فإنه إنما يكشف عن أن العبرة
في صحّة العقد إنما هي بالرضا ، وأن السكوت إن لا ينفع لعدم كشفه عن الرضا.
كما يقتضيه
جملة من النصوص ، كالتي دلّت على أن رضا البكر صماتها ، وما دلّ على نفوذ عقد
العبد إذا علم به المولى وسكت ، وما ورد في السكرى إذا زوجت نفسها ثمّ أفاقت
وأقامت معه كان ذلك رضا منها بالعقد ، وما ورد في الخيار من أنه إذا علم بالعيب
وسكت كان رضا منه به.
على أننا لو
قلنا بعدم اعتبار اللفظ ، وكفاية الفعل كما هو الصحيح ، فمن البعيد جدّاً أن يقال
بوجود موضوعية للفعل في الحكم بالصحّة ، وإنما العبرة بالمنكشف ، أعني الرضا.
إلّا أنّ ما
أفاده (قدس سره) لا يمكن المساعدة عليه. وذلك أمّا كلمات الفقهاء فهي ليست بحجّة
ما لم تبلغ الإجماع. على أن النسبة بين السكوت والرضا إنما هي التباين فإنّ السكوت
من الأفعال الخارجية ، في حين أن الرضا صفة نفسية. ومن هنا فلا يمكن أن يكون
المراد من قولهم أن السكوت أعم من الرضا ، كون السكوت أعم من نفس الرضا ، وإنما
المراد به كونه أعم منه كشفاً ، بمعنى أنه قد يكون كاشفاً كما هو الحال في البكر ،
وقد لا يكون كذلك. وعليه فلا دلالة فيه على كفاية نفس الرضا في الحكم بالصحّة ، بل
الأمر على العكس من ذلك تماماً ، حيث أنه يدل على اعتبار المبرز والكاشف في الحكم
، نظراً لأن السكوت أعم من الرضا كشفاً.
وأما النصوص ،
فأما ما دلّ على أن سكوت البكر إقرارها فالاستدلال به غير واضح ، إذ لم يرد في شيء
منها أن سكوتها رضاها ، كي يقال أنها دالّة على كفاية الرضا ، وإنما الوارد أنّ
سكوتها إقرارها ، أو أن إذنها صماتها. ومن الواضح أنّ التعبير بالإقرار أو الإذن
دالّ على اعتبار المبرز والكاشف ، وعدم كفاية مجرد الرضا الباطني.