ولا المجنون ولو كان أدوارياً حال جنونه (١) وإن أجاز وليّه أو أجاز هو بعد بلوغه
______________________________________________________
لا أنّ (عمد الصبي لا عمد) وبينهما بون بعيد. إذ الثاني ظاهر في المدعى بخلاف الأوّل ، حيث إن ظاهره أن حكم عمل غير الصبي إذا كان ينقسم بلحاظ العمد والخطأ فهو متّحد بلحاظ الصبي دائماً ، وعليه فيختص النص بالجنايات لا محالة ، لكن لا من باب التقييد وإنما من جهة أن اختلاف حكم العمد والخطأ في غير الصبيان إنما يختص بالجنايات ، وأما غيرها فليس للخطائي منها أثر كي يقال إنهما واحد بالنسبة إلى الصبي.
على أنه لا مجال للمساعدة على هذا النص بإطلاقه ، فإنّ لازمه عدم قدح التكلم العمدي والأكل العمدي في صلاة الصبيّ وصيامه ، وهو مما لا يمكن الالتزام به.
إذن فهذه الروايات ناظرة إلى الجنايات خاصّة ، ولا تعمّ المقام.
ومن هنا فالصحيح هو الحكم بصحّة عقد الصبيّ ، فيما إذا كان دوره منحصراً في إجراء الصيغة خاصّة.
وممّا يؤيِّد ذلك رواية إبراهيم بن أبي يحيى عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «تزوّج رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أُم سلمة ، زوّجها إياه عمر بن أبي سلمة وهو صغير لم يبلغ الحلم» (١).
وهي وإن كانت دالّة على أن الصبي غير مسلوب العبارة ، إلّا أننا قد جعلناها مؤيدة لما تقدّم ، نظراً لضعف سندها بـ (سلمة بن الخطّاب) حيث لم يرد فيه توثيق.
(١) بلا خلاف فيه ، لعدم تحقق القصد منه أصلاً ، حيث لا يلتفت إلّا إلى اللّفظ وأما المعنى الإنشائي له فلا التفات له إليه ، فيكون حاله حال سائر الحيوانات حيث لم يصدر منه عقد. وعلى تقدير تحقق القصد منه ، فلا ينبغي الشك في انصراف أدلة نفوذ العقود عنه ، إذ العقلاء انما يتعاملون معه معاملة الحيوان نظير الصبي غير المميز ، فلا يترتّب على عقده أثر.
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ب ١٦ ح ١.