دعاء
الإمام الحسين عليه السلام يوم عرفة
روي أن بشرا وبشيرا ولدا غالب الأسدي
قالا : لما كان عصر عرفة في عرفات ، وكنا عند أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، خرج
عليه السلام من خيمته مع جماعة من أهل بيته وأولاده وشيعته بحال التذلل والخشوع
والاستكانة ، فوقف في الجانب الأيسر من الجبل ، وتوجه إلى الكعبة ، ورفع يديه
قبالة وجهه كمسكين يطلب طعاما ، وقرأ هذا الدعاء :
دعاء الإمام الحسين (ع)
يوم عرفة :
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى لَيْسَ
لِقَضآئِهِ دافِعٌ ، وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ ، وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِع ، وَهُوَ
الْجَوادُ الْواسِعُ ، فَطَرَ اَجْناسَ الْبَدائِعِ ، واَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ
الصَّنائِعَ ، لا تَخْفى عَلَيْهِ الطَّلائِعُ ، وَلا تَضيعُ عِنْدَهُ الْوَدائِعُ
، جازى كُلِّ صانِع ، وَرائِشُ كُلِّ قانع ، وَراحِمُ كُلِّ ضارِع ، وَمُنْزِلُ
الْمَنافِعِ وَالْكِتابِ الْجامِعِ ، بِالنُّورِ السّاطِعِ ، وَهُوَ لِلدَّعَواتِ
سامِعٌ ، وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ ، وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ ، وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ
، فَلا اِلهَ غَيْرُهُ ، وَلا شَىءَ يَعْدِلُهُ ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ ، وَهُوَ
السَّميعُ الْبَصيرُ ، اللَّطيفُ الْخَبيرُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ ، اَللّهُمَّ
اِنّى اَرْغَبُ إِلَيْكَ ، وَاَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ ، مُقِرّاً
بِاَنَّكَ رَبّى ، اِلَيْكَ مَرَدّى ، اِبْتَدَأتَنى بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ اَنْ
اَكُونَ شَيْئاًمَذكوراً ، وَخَلَقْتَنى مِنَ التُّرابِ ، ثُمَّ اَسْكَنْتَنِى
الاَْصْلابَ ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ ، وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ والسِّنينَ ، فَلَمْ
اَزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْب اِلى رَحِم ، فى تَقادُم مِنَ الاَْيّامِ الْماضِيَةِ ،
وَالْقُرُونِ الْخالِيَةِ ، لَمْ تُخْرِجْنى لِرَأفَتِكَ بى ، وَلُطْفِكَ لى ، وَاِحْسانِكَ
اِلَىَّ ، فى دَوْلَةِ اَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ ، وَكَذَّبُوا
رُسُلَكَ ، لكِنَّكَ اَخْرَجْتَنى للَّذى سَبَقَ لى مِنَ الْهُدى ، الَّذى لَهُ
يَسَّرْتَنى ، وَفيهِ اَنْشَأْتَنى ، وَمِنْ قَبْلِ رَؤُفْتَ بى بِجَميلِ صُنْعِكَ
، وَسَوابِغِ نِعَمِكَ ، فابْتَدَعْتَ خَلْقى مِنْ مَنِىّ يُمْنى ، وَاَسْكَنْتَنى
فى ظُلُمات ثَلاث ، بَيْنَ لَحْم وَدَم وَجِلْد ، لَمْ تُشْهِدْنى خَلْقى ، وَلَمْ
تَجْعَلْ اِلَىَّ شَيْئاً مِنْ اَمْرى ، ثُمَّ اَخْرَجْتَنى لِلَّذى سَبَقَ لى
مِنَ الْهُدى اِلَى الدُّنْيا تآمّاً سَوِيّاً ، وَحَفِظْتَنى فِى الْمَهْدِ
طِفْلاً صَبِيّاً ، وَرَزَقْتَنى مِنَ الْغِذآءِ لَبَناً مَرِيّاً ، وَعَطَفْتَ عَلَىَّ
قُلُوبَ الْحَواضِنِ ، وَكَفَّلْتَنِى الاُْمَّهاتِ الرَّواحِمَ ، وَكَلاْتَنى
مِنْ طَوارِقِ الْجآنِّ ، وَسَلَّمْتَنى مِنَ الزِّيادَةِ