هنّأني الطعام ومرّأني أي صار لي دواء عاجلا شافيا ، وفي كتاب العيّاشي مرفوعا إلى أمير المؤمنين عليهالسلام : جاء رجل فقال يا أمير المؤمنين إنّي يوجعني بطني ، فقال ألك زوجة؟ قال : نعم قال : استوهب منها شيئا طابت به نفسها من مالها ، ثمّ اشتر به عسلا ثمّ اسكب عليه من ماء السماء ثمّ اشربه فإنّي سمعت الله يقول في كتابه : (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) وقال (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) وقال (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) فإذا اجتمعت البركة والشفاء والهنيء والمريء شفيت إن شاء الله تعالى ، قال ففعل ذلك فشفي (١) :
فدلّت الآية على جواز أكل مهورهنّ بطيب أنفسهنّ ، ولا يحتاج إلى الإيجاب والقبول بل مطلق التصرّف في أموالهنّ بل أموال الناس أيضا بطيب النفس ، فلا يبعد سقوطها بالهبة كما وردت به الرّواية ، فالهبة غير مخصوصة بالأعيان كالصدقة على ما دلّ عليه قوله تعالى (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ) والظاهر أنّه يجوز الإبراء أيضا ولكن ينبغي القبول أيضا ، وأنّ (٢) في المهر شفاء ، وفي الخبر المذكور دلالة على عدم كراهة الاستيهاب من مال الزوجة مطلقا وإن كان الظاهر أنّه المهر فقط ، وحصول الشفاء به وبالعسل وبماء السماء.
الرابعة : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) في جميع الحالات (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) (٣) إلّا حال تزوّجهم أو تسرّيهم ، أي يحفظونها عن جميع ما أمر بالحفظ عنه ولا يحفظونها عن شيء أبيح بدليل ، لعدم حسن الحفظ إمّا وجوبا أو استحبابا أو إباحة فكما أنّ الحفظ عنه صفة حسن ، فكذا عدم الحفظ عن الزوجة والسرّيّة ، فلا ينبغي ترك التزويج خوفا من المعاش بل غيره ، ولا ترك التسرّي خصوصا باعتقاد أنّه ليس بحسن لعدم حصول ولد مناسب ، وكونه عارا كما يفعله بعض الجهلة ، وهو ظاهر. ويدلّ عليه غير هذه الآية أيضا من الآيات والأخبار فافهم
__________________
(١) راجع تفسير العياشي ج ١ ص ٢١٨.
(٢) فان خ.
(٣) المؤمنون ٥ و ٦.