«أَوْ زِدْ عَلَيْهِ» : «وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً» روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام (١) في معناه : بيّنه بيانا ولا تهذّه هذّ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ، ولكن أقرع به القلوب القاسية ولا يكوننّ همّ أحدكم آخر السورة. أي اقرأ متفكّرا على هنيئك كما قيل إنّه يكون بحيث لو أراد السامع عدّ حروف الكلمات لعدّه كما روي في قراءة رسول الله صلىاللهعليهوآله عن عائشة في الكشّاف ، وقيل : البيان لا يتمّ بالتعجيل وإنّما يتمّ أن يبيّن جميع الحروف ويوفّي حقّها من إشباع الحركات ، وكأنّه إشارة إلى ما قيل في معناه إنّه بيان الكلمات وأداء الحروف ، وعن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال : إذا مررت بآية فيها ذكر الجنّة فاسئل الله الجنّة ، وإذا مررت بآية فيها ذكر النار ، فتعوّذ بالله من النار (٢) وقيل هو أن يقرأه على نظمه وتواليه ، ولا يغيّر لفظا ولا يقدّم مؤخّرا وكأنّ المراد حينئذ الوجوب لا الاستحباب ، وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام (٣) في معناه قال هو أن تتمكّث فيه ، وتحسّن به صوتك ، وروي عن أمّ سلمة أنّها قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقطع قراءته آية آية ، وعن أنس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يمدّ صوته مدّا (٤) وأكثر ما روي في معناه يدلّ على أنّه مستحبّ فهو مؤيّد لحمل قيام اللّيل على الاستحباب فتأمل.
ويؤيّد استحباب القراءة ليلا قوله (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) يعني سنوحي عليك القرآن ، وجه الثقل كون الأحكام الشاقّة فيه سيّما على رسول الله صلىاللهعليهوآله فإنّه يعمل به ويأمر به ، ويبلّغ ويتحمّل الأذى فيه ، ولما فيه من قيام اللّيل ، ومجاهدة النفس ، وترك الراحة ، أو أنّه يثقل في الآخرة في ميزان الأعمال العمل به وقراءته ، وأنّه قول ربّنا فثقيل عظيم (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ) أي النفس الّتي تقوم وتنشئ في اللّيل للصّلاة أو القراءة (هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً) أي كلفة ومشقّة (وَأَقْوَمُ قِيلاً) أي أشدّ مقالا وقراءة لحضور القلب.
__________________
(١) راجع الدر المنثور ج ٦ ص ٢٧٧ ، أصول الكافي ج ٢ : ٦١٤.
(٢) الوسائل الباب ١٨ من أبواب القراءة في الصلاة.
(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٧٨.
(٤) تيسير الوصول ج ١ ص ١٩٩ ، نيل الأوطار ج ٢ ص ٢١٣.