المحقّقين من عدم قبول التوبة عن بعض الذنوب دون البعض ، ويفهم أيضا جواز النكاح إلى أربع وتحريم الخامسة ، وعدم حسن ترك النكاح بالكلّيّة فإنّه لا بدّ إمّا من الواحدة أو ملك اليمين ، فيفهم كمال الاهتمام بالتزويج ، وذمّ العزوبة وأنّها ترتفع بملك اليمين ، ولا تحتاج إلى النكاح بالعقد ، والكلّ موجود في الأخبار وأنّه لا يجب التعديل بين السراري ، بل المنام عندهنّ وجواز العزل عنهنّ وقلّة مؤنة ما يحتاج إليه منهنّ.
ثمّ أوجب إعطاء مهور النساء فقال (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) (١) أي عطيّة من الله تعالى لهنّ ، وسمّي بها مع كونه عوض البضع لاشتراك فوائد التزويج فنحلة حال عن الصدقات ، ويحتمل عن فاعل «آتوا» بمعنى ناحلين فكأنّه عطيّة منهم ، وهو أظهر ، ويحتمل كون نصبها على المصدر ، فكأنّه قال انحلوهنّ نحلة فظاهرها يدلّ على وجوب المهر بمجرد العقد مطلقا ، لأنّه بالعقد تصير الزوجة داخلة في النساء ، فيدلّ على أنّ الموجب للمهر هو العقد فقط ، ولا دخل للدخول ثمّ قد ينتصف بالطلاق وهو مذهب بعض الأصحاب بل على وجوب إعطائه حينئذ فكأنّه مقيّد بطلب صاحبه كسائر الحقوق فيمكن أن يكون لها الامتناع حتّى تأخذه فتأمّل فيه ويدلّ على أنّه يجب الإعطاء من طيب النفس (فَإِنْ طِبْنَ) خطاب للأزواج أي فان طابت نفوسهنّ بهبة (لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ) من صدقاتهنّ فتذكير الضمير باعتبار المهر أو باعتبار الفرد المذكور فيها (نَفْساً) هو تمييز ، وتنكير شيء يدلّ على عمومه والظاهر أنّ هبة الكلّ أيضا كذلك إلّا أنّه ذكر للإشارة إلى أنّه ينبغي إعطاء البعض كما دلّ بعض الروايات على تقدّم شيء من المهر (فَكُلُوهُ) أي فكلوا الموهوب لكم ، ويحتمل أن يكون المراد التصرّف والقبول مطلقا (هَنِيئاً مَرِيئاً) فالهنيء الطيّب المساغ الّذي لا ينغّصه شيء ، والمريء المحمود العاقبة الّذي لا يضرّ ولا يؤذي ، وقال في مجمع البيان : الصداق المهر ، والنحلة العطيّة ، وسمّي النحل نحلا لأنّ الله تعالى نحل منها العسل للناس ، والهنيء شفاء من المرض ، ويقال :
__________________
(١) النساء : ٤.