قد مرّ مضمونها وهو تحريم الربا ولعلّ التكرار للتأكيد ، والمبالغة في التحريم ، وأيضا لتصريح النهي فإنّ الّذي مضى كان بحسب الظاهر خبرا أو لعظم ذنب هذا الفرد ، وهو الأكل أضعافا مضاعفة وكانّ الواقع كان كذلك ، ولكثرة ضرره على الناس ، وكأنّ الأكل كناية عن أخذ الربا وهو متعارف يقال فلان يأكل الربا يعنون به أنّه يستعمله ويأخذه ولا يجتنبه ، لا أنّه يأكله حقيقة فيحتاج إلى قياس غيره عليه ، ومعنى (أَضْعافاً مُضاعَفَةً) قيل أن يضاعف بتأخير أجل بعد أجل كلّما حلّ أجل أجّل إلى غيره ، وزيد زيادة على المال ، أو تضاعفوا أموالكم فيدخل فيه كلّ زيادة محرّمة في المعاملة ، ويمكن أن يكون المراد يضاعف الزيادة أضعاف الأصل أو أضعاف ما يتعارف في ربح مثله.
وقال في المجمع : في تحريم الربا مصالح منها أنّه يدعو إلى مكارم الأخلاق بالإقراض ، وإنظار المعسر من غير زيادة ، وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام في الكافي في الحسن عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إنّما حرّم الله عزوجل الربا لكيلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف ، وعن سماعة قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام إنّي رأيت الله قد ذكر الربا في غير آية وكرّره فقال أو تدري لم ذلك قلت لا ، قال لئلّا يمتنع الناس من اصطناع المعروف (١) وأنت تعلم أنّها تنعدم بفتح باب الحيلة ، كما هو المتعارف ، فإنّهم يأخذون بها ما يؤخذ بالربا.
الخامسة: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) (٢).
الويل قيل : اسم واد في جهنّم أو كناية عن عذاب وسخط من الله ، على من يطفّفون الميزان والكيل ، ويباشرونهما ، الّذين إذا اكتالوا من النّاس حقّهم أو اتّزنوه منهم يأخذونه وافيا تامّا كاملا ، حذف واكتفي بالأوّل وفي الكشّاف للإشعار
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ١٤٦.
(٢) المطففين : ١ ـ ٣.