(كتاب)
(وفيه جملة من العقود)
وفيه مقدّمة وأبحاث أمّا المقدّمة ففيها آية واحدة مشتملة على أحكام كلّية.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١).
الوفاء والإيفاء القيام بمقتضى العقد والعهد ، والعقد العهد الموثّق المشدّد بين اثنين ، فكلّ عقد عهد دون العكس ، لعدم لزوم الشدّة والاثنينيّة ، وفي الكشاف العقد العهد الموثّق ، وهي عقود الله الّتي عقدها على عباده وألزمها إيّاهم من مواجب التكليف إلخ ، ويحتمل كون المراد العقود الشرعيّة الفقهيّة ولعلّ المراد أعمّ من التكاليف والعقود الّتي بين الناس وغيرها كالأيمان ، والإيفاء بالكلّ واجب فالآية دليل على وجوب الكلّ فمنها يفهم أنّ الأصل في العقود اللزوم.
(أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) يحتمل أن تكون إشارة إلى بعض تفصيل العقود ، قاله في الكشاف ، فالايفاء بمثل الواجب هو اعتقاد حلّ أكلها ، ووجوبه مع الحاجة ، ويحتمل أن يكون المراد إباحة أكل لحمها أو مطلق الانتفاع بها قيل البهيمة كلّ حيّ لا تميز له ، وقيل كلّ ذات أربع ، وإضافتها إلى الأنعام للبيان : أي البهيمة من الأنعام ، وهي الأزواج الثمانية ، والحق بها الظباء وبقر الوحش وحماره ، وقيل هي المراد بالبهيمة وهذا تخصيص غير واضح ، فإنّ الظاهر شمولها لجميع ذوات الأربع أو كلّ حيّ لا تميز له ، ولا يبعد إرادة ذلك من الأنعام أيضا ويكون ذكرها للتأكيد كما يفهم من مجمع البيان.
فتدلّ على إباحة كلّ ذلك ، مثل الحمار والفرس والبغل وغيرها ، ويخرج ما علم تحريمه بدليله ، مثل (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ويؤيّد العموم قوله (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) أي إلّا الّذي يتلى عليكم آية تحريمه أو محرّم ما يتلى عليكم ، كقوله
__________________
(١) المائدة : ١.