أن يكون قولا باللّسان منعا لهم على المجازات بمثله أو بالشكر ، وقال القاضي : على إرادة القول بلسان الحال والمقال ، إزاحة لتوهّم المنّ وتوقّع المكافاة المنقّصة للأجر.
قيل : لمّا علم الله كونه خالصا لوجهه لا يشوبه شيء من الأغراض ، وما ينقّص الثواب ، قال (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ) بيانا لحالهم ، وهو المراد بإرادة القول ولسان الحال للإشارة إلى أنّه هكذا ينبغي أن يفعل الطّاعات بأن لا يفعل إلّا لله ، كما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام «ما عبدتك طمعا للجنّة ولا خوفا من النار ، بل وجدتك أهلا لها فعبدتك.»
(إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا) أي نخاف بقصد غير ربّنا من العذاب (يَوْماً عَبُوساً) أي يعبس فيه وجوه من يريد بطاعة الله غير الله ، وغيرهم من الظالمين ، ويحتمل أنّ سبب الإطعام هو الخوف ورجاء الخلاص منه (فَوَقاهُمُ اللهُ) فحفظهم الله بسبب خوفهم عن ذلك اليوم ويحفظهم عنه بالطاعات وترك المعاصي عن (شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ) والعقاب فيه (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) أعط هم بدل عبوس الفجّار وحزنهم نضرة أي بشاشة وبياضا وحمرة في الوجوه ، وسرورا في القلوب (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) قال في الكشاف : جزاهم بصبرهم على الإيثار وما يؤدّى إليه من الجوع والعرى (جَنَّةً) بستانا فيه مآكل هنيّ (وَحَرِيراً) فيه ملبس بهيّ ، وقال القاضي : بصبرهم على أداء الواجبات واجتناب المحرّمات ، وإيثار الأموال (جَنَّةً) بستانا يأكلون منه (وَحَرِيراً) يلبسونه ، ثمّ نقل إيثارهم عليهمالسلام باختصار ما في الكشّاف [في الجملة] وباقي الآيات إلى قوله (شُكُوراً) وصف لجزاء عملهم عليهمالسلام ، والظاهر أنّ ذلك مخصوص بهم عليهمالسلام ، وما وقع إلى الآن من غيرهم ، بل لم يقع إلّا عن مثلهم كما في التصدّق بالخاتم في الصلاة والتصدّق للنجوى وغيرها ، فانّ ذلك لا يستحقّه إلّا هم.
ثمّ أشار في آخر السورة إلى وجوب الصبر للنبيّ صلىاللهعليهوآله في أذى المشركين له