في وصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآله أمير المؤمنين عليهالسلام يا عليّ أوصيك بوصيّة فاحفظها ، وقال اللهمّ أعنه ، ومنها وأمّا الصدقة فجهدك حتّى تقول قد أسرفت ولم تسرف ، فلعلّ قوله تعالى (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) محمول على ما ذكرناه فتأمّل.
والظّاهر أنّه غير مختصّ بهم عليهمالسلام ، بل كلّ من فعل ذلك لله فقط لا غير له مثل ذلك الأجر للتأسّي ، قال في مجمع البيان : وهي جارية في كلّ مؤمن فعل ذلك لله عزوجل ، فما قال في التذكرة من أنّ التّاجر لو صرف جميع ماله في القربات فهو تبذير بالنسبة إليه للآية محلّ التأمّل ، وهو أعرف قدسسره وأيضا يدلّ على حسن الصبر بل على وجوب الإيفاء بالنذر ، حيث يفهم من سوق الآية أنّ تركه موجب للعقاب.
(إِنَّ الْأَبْرارَ) جمع برّ أو بارّ ، قيل هم الّذين لا يؤذون الذّرّ ، وقد ظهر ممّا سبق أنّهم أهل البيت عليهمالسلام (يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ) الزجاجة إذا كانت فيها خمر وتسمّى الخمر أيضا به (كانَ مِزاجُها كافُوراً) يمزج به ماء كافور ، وهو اسم عين في الجنّة ماؤها مثل الكافور في البياض والريح والبرد (عَيْناً) بدل من «كافورا» (يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) يجرونها حيث شاؤا من منازلهم [وقد ظهر أنّهم أهل البيت عليهمالسلام](يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) قال في الكشاف والقاضي : جواب من عسى يقول : ما لهم يرزقون ذلك؟ والوفاء بالنذر مبالغة في وصفهم بالتوفّر على أداء الواجبات ، لأنّ من وفى بما أوجبه هو على نفسه لوجه الله كان بما أوجبه الله عليه أوفى (وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) منتشرا (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) قال فيهما : الضمير للطعام أي مع اشتهائه والحاجة إليه ونحوه «وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ» «لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ» (١) ويحتمل الإطعام والله : أي على حبّ الله أي خالصا ، ويدلّ على المبالغة (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) قال في الكشاف : على إرادة القول أي حال كونهم قائلين ، ويجوز
__________________
(١) البقرة : ١٧٢ ، آل عمران : ٨٧.