للتعظيم لا للعبادة ، فيه ما تقدّم على أنّه قد يكون لله شكرا لا له ، كما قاله في الكشاف أيضا فتأمّل (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي إنّما يتّعظ ويعرف ما تقدّم الّذين عملوا على قضيات عقولهم ، فنظروا واستبصروا ، والمبرّؤن عن مشابهة الألف ومعارضة الوهم.
(الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ) (١) قيل عهد الله ما عقدوه على أنفسهم من الشهادة بربوبيّته (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (٢) ويحتمل العموم (وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) كلّ ما وثقوه على أنفسهم من المواثيق بينهم وبين الله ، من العهود والنذور والأيمان وغير ذلك ، وبين خلقه من الأقارير والعقود والشروط وسائر ما قرّر معهم ، فهذا تعميم بعد تخصيص ، ويحتمل أن يكون معناهما واحدا ويكون الثاني تأكيدا للأوّل ، قال في مجمع البيان إنّما كرّر الميثاق ، وإن دخل جميع الأوامر والنواهي في لفظ العهد لئلّا يظنّ أنّ ذلك خاصّ فيما بين العبد وربّه ، وأخبر أنّ ما بينه وبين العباد من المواثيق كذلك في الوجوب واللزوم ، فيمكن جعل هذه دليل وجوب الوفاء بالنذور والعهود والشرائط والوعد.
(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) من الأرحام والقرابات روى في التهذيب عن سلمى مولاة (٣) أبي عبد الله عليهالسلام قال : كنت عند أبي عبد الله حين حضره الوفاة قال أعطوا الحسن بن الحسين بن علىّ بن الحسين وهو الأفطس (٤) سبعين دينارا قلت له : أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة؟ فقال : ويحك أما تقرأ القرآن؟ قلت :
__________________
(١) الرعد : ٢٠.
(٢) الأعراف : ١٧١.
(٣) روى القصة الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة ص ١٢٨ ، أيضا ، وفيه سالمة مولاة أبى عبد الله عليهالسلام وهكذا في الكافي ج ٧ ص ٥٥ كتاب الوصايا وكتاب أبي الغنائم الحسنى النسابة على ما في عمدة الطالب ص ٣٤٠ وقد كان سالمة هذه أم ولد كما في مجمع البيان ج ٧ ص ٢٨٩.
(٤) كذا في النسخ ، وهكذا في المجمع والصحيح كما في نسخة الكافي وغيبة الشيخ وهكذا معاجم التراجم والأنساب : الحسن بن على الأصغر بن الامام زين العابدين على بن الحسين بن على أبى طالب ، كان صاحب راية محمد بن عبد الله بن الحسن النفس الزكية.