أخيه ليأخذه ، ثمّ النداء بالسرقة ، وتفتيش وعائهم ونحو ذلك ، دلالة واضحة على جواز أمثال ذلك مع استعمال التورية إذ ذكر في التفسير أنّه عليهالسلام ورّى ، ولكن يشكل لما تقدّم ، ولعدم الضرورة ، ولأنّ ذلك كان بحكم الله تعالى كما قال (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) (١) فتجويز ذلك لغيره قياس مع الفارق فلا يجوز مع أنّه يحتمل أن يكون المنادي غيره عليهالسلام ثمّ في عدم منع يوسف ويعقوب أبناءه وترك استنابهم ومخالطتهم حتّى خاف عليهم الدخول من باب واحد فقال (ادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) (٢) دلالة واضحة على جواز ذلك ، فتأمّل ، وفي عفوهما عنهم ، ودعائهما لهم دلالة واضحة على أنّ العفو حسن ، وصاحبه ممدوح وهو ظاهر عقلا ونقلا كتابا وسنّة متظافرة ، ثمّ في ترك يوسف إعلام أبيه وسائر أهله إلى ذلك الزمان مع قدرته عليه ، دلالة واضحة على ترك صلة الرحم بمثل ذلك ، وكان ذلك بأمره تعالى لمصلحة يعلمها الله فلا يقاس ، ولهذا نقل في الكشّاف أنّه لمّا أدخل أباه خزانة القراطيس ، قال يا بنيّ ما أعقّك؟ عندك هذه القراطيس ، وما كتبت إليّ على ثماني مراحل؟ قال : أمرني جبرئيل قال أو ما تسأله قال أنت أبسط إليه منّي ، فسأله قال جبرئيل : الله أمرني بذلك لقولك : وأخاف أن يأكله الذئب ، قال : فهلّا خفتني فيه ، دلالة على التوكّل ، وعدم الخوف إلّا من الله خصوصا الأنبياء والأولياء ونقل في الكشّاف أيضا أنّ سبب محنته أنّه ذبح شاة فقام ببابه مسكين ما أطعموه ، أو أنّه اشترى جارية فباع ولدها فبكت حتّى عميت.
وفي بكاء يعقوب ويوسف عليهماالسلام دلالة واضحة على جواز البكاء على مفارقة الأحباب ، ولهذا بكى نبيّنا صلىاللهعليهوآله على ولده إبراهيم وقال : القلب يجزع والعين تدمع ولا نقول ما يسخط الربّ وقال إنّما نهيت من الصياح والنياحة ولطم الوجه والصدر وتمزيق الثياب كما يفعله الجهّال ، ونهى عن الصوت عند الفرح وعند الحزن لا البكاء ، ففي كون البكاء على الميّت من أمور الدنيا بحيث يبطل الصلاة به كما قاله الفقهاء تأمّل ثمّ في سجود أبويه له دلالة على جواز السجدة لغير الله لكن
__________________
(١) يوسف : ٧٧.
(٢) يوسف : ٦٧.