بلى قال : سمعت قول الله تعالى (الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) فيها دلالة على صحّة نسب الأفطس ، وجواز إعطاء الفاسق والإحسان إلى من أساء ، والظاهر أنّه يدخل فيه وصل قرابة رسول الله صلىاللهعليهوآله وقرابة المؤمنين الثابتة بالقرآن مثل قوله تعالى (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) و (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وبالأخبار المتظافرة والإجماع بالإحسان إليهم على حسب الطاقة ، ونصرتهم والذبّ عنهم ، والشفقة عليهم ، والنصيحة لهم وطرح التفرقة بينهم وبين أنفسهم ، وإفشاء السلام عليهم وعيادة مرضاهم ، وشهود جنائزهم ، ومنه مراعاة حقّ الأصحاب والخدم والجيران والرفقاء في السفر ، وكلّ ما تعلّق بالإنسان بسبب مّا حتّى الهرّة والدّجاجة ، وعن الفضيل بن عياض أنّ جماعة دخلوا عليه بمكة فقال من أين أنتم؟ قالوا : من أهل خراسان ، قال اتّقوا الله وكونوا من حيث شئتم! واعلموا أنّ العبد لو أحسن الإحسان كلّه ، وكانت له دجاجة فأساء إليها لم يكن من المحسنين ، كلّه من الكشّاف وفيه مبالغة وهذه دليل على ملاحظة صلة الرحم والاخوان والجيران وفي الأخبار الحثّ على ذلك مع مبالغة زائدة جدّا كثيرا (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) أي وعيده وما يترتّب على عصيانه من العقاب (وَيَخافُونَ) وعيدا بالخصوص (سُوءَ الْحِسابِ) فيجب على المؤمن أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب كما في الأخبار ، مثل ما روي عنه صلىاللهعليهوآله أنّه قال : وحاسبوا قبل أن تحاسبوا ، والأخبار في الوعيد والترغيب غير منحصرة ، مثل قول الصادق عليهالسلام قال له الراوي : أوصني فقال أعدّ جهازك ، وقدّم زادك ، وكن وصيّ نفسك ولا تقل لغيرك يبعث إليك بما يصلحك (١) روى في الكافي عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليهالسلام لمّا استقصى رجل عن رجل حقّه وحسابه شكى إلى أبي عبد الله عليهالسلام فقال له : مالك ولأخيك؟ قال : جعلت فداك لي عليه شيء فاستقصيت منه حقّي قال أبو عبد الله عليهالسلام أخبرني عن قول الله عزوجل (وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) ألربّهم أن يجور عليهم أو يظلمهم؟ لا والله ، ولكن خافوا الاستقصاء والمداقّة (٢).
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٦٥.
(٢) الكافي ج ٥ ص ١٠٠.