حقّ الله ، وأنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ثمّ قال (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) من آمن ومن كفر ، ومن أطاع ومن عصى ومن عمل بالوصيّة ومن لم يعمل ، ومن أطاعهما في الشرك وغيره ، فاجازي كلّا باستحقاقه.
في الكشّاف : فيه شيئان أحدهما أنّ الجزاء إليّ ، فلا تحدّث نفسك بجفوة والديك وعقوقهما لشركهما ، ولا تحرمهما برّك ومعروفك في الدنيا ، كما أنّي لا أمنعهما رزقي والثاني التحذير من متابعتهما على الشرك والحثّ على الثبات والاستقامة في الدين ، بذكر المرجع والوعيد.
وفي قوله (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) إلى قوله (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (١) دلالة واضحة على حسن الإسلام والايمان والقنوت والصدق والصبر والخشوع والتصدّق والصوم وحفظ الفرج من الحرام وذكر الله كثيرا ، وأنّها موحبة للمغفرة والأجر العظيم ، وفي قوله (زَوَّجْناكَها) الآية دلالة على أنّ فعله صلىاللهعليهوآله يدلّ على الجواز ، وأنّ نفي الحرج عنه يستلزم نفي الحرج عن الأمّة والتأسّي فتأمل ، وبحث التأسّي طويل مذكور في محلّه يرجع إليه ، ويدلّ على تحريم إيذاء المؤمنين أي المسلمين بغير استحقاق وجناية يقتضي ذلك ويبيح قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) أي بغير جناية واستحقاق يبيح ذلك (فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٢).
(قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) (٣) قيل أن مفسّرة يعني أنّ المحرّمات ما يفهم من قوله «لا تشركوا» وما عطف عليه ، ويصحّ عطف الأوامر المفهومة من مثل قوله (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) أي أحسنوا بهما على النواهي لأنّ [من] المحرّمات ما يفهم منها ، وهو ضدّ المأمورات ، مثل الإساءة في أحسنوا ، ويحتمل كونها مصدريّة أي عليكم أن لا تشركوا ، فيكون ألّا تشركوا مفعول عليكم أو مرفوعا بالابتدائيّة أو يكون خبرا عن نحو هو أو المتلوّ.
__________________
(١) الأحزاب : ٣٦.
(٢) الأحزاب : ٥٨.
(٣) الانعام : ١٥٣.