الافك عن ابن عبّاس وغيره ، وأن لا تواتر وأنّ ذلك ليس دليلا للإجماع وإثبات الإجماع والتواتر دونه خرط القتاد ، وعلى تقدير التسليم أين الدلالة على الأفضليّة في الجملة ، فضلا عن جميع الخلق ، فكيف ولا شكّ في عدم اختصاصها بأبي بكر لقرائن لفظيّة ومعنويّة.
وإن سلّم نزولها في حقّ أبي بكر ومسطح فانّ المدار على [عدم] عموم اللفظ فحينئذ يلزم كلّ من له فضل وسعة [أن] يكون أفضل من جميع الخلق ، فيكون أكثر الخلائق أفضل من الكلّ ويكون الأكثر مفضولا وفاضلا ، وفساده أوضح من أن يبيّن نعم غاية ما يمكن أن يقال يدلّ على أنّ له فضيلة مّا إن حمل الفضل على أمر الدين والسعة على الدنيا ، كما قاله البيضاويّ مع أنّ الظاهر والمتبادر في هذا المقام هو الفضل في المال والسعة عطف بيان له ، وذلك في القرآن العزيز غير عزيز فالتكرار ليس بسبب لذلك الحمل كما قاله ، كيف يخصّص به مثل هذه الآية الشريفة الّتي أراد الله تعالى حثّ المؤمنين على الإحسان بالنسبة إلى المسيء ودفع السيّئة بالحسنة ، وترك المكافاة والانتقام طمعا في المغفرة والعفو عنهم ، كما أشار إليه بقوله (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) مع جمع اولي الفضل وجمع اولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله ، وليس ذلك إلّا تفويت غرض الحكيم تعالى.
بل يمكن أن يستفاد منها مذمّة أبي بكر حيث حلف ، ونهي عن ذلك وعوتب وأمر بالعفو والصفح ثمّ عوتب أنّ من يفعل ذلك لا يحبّ أن يغفر له ، ومن العجب أيضا أنّه ذكر أنّ أبا بكر أفضل من عليّ لأنّ إطعامه لم يكن لوجه الله بل طمعا للثواب وخوفا من العقاب ، بخلاف إنفاق أبي بكر ، فإنّه من أين يقول هذا فإنّ إنفاق أبي بكر لو صحّ ما يعلم وجهه ، والظاهر كونه لقرابته وأنّه لو سلّم آية (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) لا يدلّ عليه أيضا ، نعم يدلّ عليه أنّه ما كان عليه من أحد نعمة تجزى إلّا أنّه فعل لله ولوجهه بخلاف ما فعله عليّ عليهالسلام فانّ الله أخبر بذلك بقوله تعالى (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) ولعمري ليس مثل هذا الكلام