الكفّار والعصاة إلّا ما أخرجه الدليل من العقل والنقل ، فتدلّ على كون الأشياء الغير المضرّة على الإباحة ، وجواز إعطاء المذكور (١) لغير معتقدي الحقّ حتّى الكفّار لعدم القول بالواسطة ، فضعف منع البعض كما مرّ ، لكن هذا على بعض التراكيب وهو جعل حلالا مفعولا له أو حالا بيانا وكشفا وجعل «من» ابتدائيّة أو بيانيّة أو جعلها متعلّقة بمقدّر حالا عن حلالا ، لا على تقدير جعلها حالا مقيّدة ، ومن تبعيضيّة كما قاله في الكشّاف والقاضي.
ويمكن الاستدلال أيضا بها على تحريم الأشياء المذكورة في الرواية لو صحّت وأمّا دلالتها على تحريم متابعة الشيطان فصريحة ، وكذا متابعة كلّ عدوّ في الله والدّين ، كما يظهر من العلّة وهي قوله (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ) وذلك معلوم واضح إذا كان المتّبع معلوم التحريم ، ولا يحتاج إلى الذكر ، ولعلّ الآية أعمّ بل مخصوصة بغير المعلوم ، لعدم الفائدة في المعلوم ، فلا يبعد الاستدلال حينئذ بها على عدم جواز متابعة أعداء الدين ، فيما لم يعلم جوازه ، فلا تجوز الصلاة خلفهم ، وسماع حكمهم ، ونقل الرواية عنهم ، وغير ذلك فتأمّل.
الثالثة: (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) (٢).
الرابعة: (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) الآية (٣) وغيرهما من الآيات الّتي تدلّ على إباحة الأشياء وبالحقيقة لا دخل لها في الكسب فتركناها ، وإنّما ذكرنا البعض للتبعيّة ، وبعض الفوائد وإن لم يكن كسبا.
__________________
(١) المأكول : خ.
(٢) طه : ٨١.
(٣) ق : ١١.