كما في البنت وغيرها ، والظاهر أنّ حكم التأنيث جار عليها ولهذا يرجع إليها الضمير المؤنّث ويوصف به ، ولو باعتبار معناها وهي الأرض المخصوصة ، أو أنّها تاء مفردها وزيد عليه الألف فقط فتأمّل.
وأمّا تسمية ذلك الموضع بعرفة أو عرفات فقيل لأنّه وصف لإبراهيم عليهالسلام ولمّا رآه قال : عرفت ، وقيل : كان جبرئيل يعلّمه المناسك وفي هذا الموضع قال : عرفت ، وقيل : لأنّ آدم وحوّاء تعارفا هنا بعد أن تفرّقا ، وقيل لأنّ النّاس يتعارفون هنا وقيل : لأنّه رأى إبراهيم عليهالسلام في المنام ذبح ولده وتفكّر أنّه أمر من الله أم لا ورآه ثانية فسمّي اليوم الأوّل بيوم التروية والثاني بعرفة ، وهذا يفيد وجه تسمية اليوم ، ويفهم وجه المكان أيضا فافهم.
وأمّا وجه تسمية الموضع الآخر بالمشعر فظاهر لأنّه علامة للنّسك والعبادة ومعلم للحجّ والدّعاء والصّلاة والمبيت عنده ، وتسميته بجمع لأنّه يجمع فيه بين المغرب والعشاء [بأذان واحد وإقامتين] أو لجمع النّاس فيه ، والمزدلفة ، لأنّ جبرئيل قال له عليهالسلام ازدلف إلى المشعر أي ذهب إليه وأقرب منه ، قيل : المشعر الحرام جبل في ذلك الموضع سمّي قزح ، وقيل : هو ما بين جبليّ المزدلفة من مأزمي عرفة إلى وادي محسّر ، وليس المأزمان ووادي محسّر منه ، وإنّما وصف بالحرام لحرمته ، وبالجملة المراد هنا الوقوف والذّكر في موضع خاصّ يقف فيه النّاس وهو موضع محدود مثل عرفة ومنى ، وإنّما سمّي ذلك الموضع بمنى لأنّ إبراهيم عليهالسلام تمنّى هناك أن يعطيه الله فداء يذبحه مكان ابنه.
(فَاذْكُرُوا اللهَ) جزاء (فَإِذا أَفَضْتُمْ) أي اذكروا الله بالتّهليل والتّكبير والثناء عليه والدّعوات ، أو بصلاة المغرب والعشاء (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) أي اذكروا الله بالثناء والشّكر حسب هدايته إيّاكم ، فالشّكر يكون في مقابلة نعمة الهداية أو «اذكروه» ذكرا حسنا «كما هديكم» هداية حسنة أو اذكروه كما علّمكم المناسك وغيره ، فما مصدريّة أو كافّة (وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ) أي قبل الهداية أو قبل بعث محمّد صلىاللهعليهوآله وهو بعيد لفظا ومعنىّ (لَمِنَ الضَّالِّينَ) أي الجاهلين بالايمان