ذكره في مجمع البيان ونسبه إلى ابن عبّاس وابن مسعود والحسن وقيل أيضا في تفسير (وَلا جِدالَ) : أو أنّه لا خلاف ولا شكّ في الحجّ وذلك أنّ قريشا كانت تخالف سائر العرب فتقف بالمشعر الحرام وسائر العرب يقفون بعرفة ، وكانوا ينسؤن الشهور فيقدّمون الحجّ سنة ويؤخّرونه اخرى ولكن هذا المعنى يناسب قراءة الأوّلين بالنصب بمعنى النهي والثالث بالرفع بمعنى الخبر كما فعله في الكشاف وقال القاضي أيضا نفي الثلاث على قصد النهي للمبالغة والدّلالة على أنّها حقيقة بأن لا يكون ، يعني أراد النهي عن هذه الأشياء في أيّام الحجّ وذكرها بطريق النفي الدّالّ على نفي الجنس والحقيقة المفيد للعموم والمبالغة للتأكيد والاهتمام بعدم وقوعها ، فلا لنفي الجنس ، ومدخولة مبنيّ على الفتح و (فِي الْحَجِّ) متعلّق بمقدّر مثل موجود أو جائز خبرا ، والجملة جزاء الشّرط أي «فمن» إلخ والعائد محذوف مثل «له» أو برفث يعني لا يرفث وهو جزاء أيضا ، والباقي عطف عليه مع تكرير لا للتأكيد.
وقرئ الكلّ بالرّفع والمعنى واحد والتركيب أيضا إلّا أنّ لا حينئذ بمعنى ليس ، وليس لنفي الجنس لعدم جواز الرفع حينئذ لكونه نكرة مفردة والعموم أيضا بحاله لأنّ النكرة في سياق النفي يفيد العموم لأنّه من أداة العموم كما هو المبيّن في محلّه ، فقول صاحب مجمع البيان بأنّ دلالة الرفع على العموم لأنّه يعلم من الفحوى أنّه ليس لنفي رفث واحد ولكنّه لجميع ضروبه غير واضح ، إلّا أن يريد أنّه ليس بمثابة النّصب فإنّه أصرح وآكد (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) أي وما تفعلوا من أيّ نوع من الخير سواء كان الحجّ وغيره ، وسواء كان فعل حسن أو ترك قبيح ـ ولا يبعد إطلاق الفعل عليه باعتبار الكفّ وغيره ، ويدلّ عليه ذكره بعد النهي عن الرّفث وغيره ، وتنكير «خير» ـ يجازيكم به الله (١) المتّصف بجميع صفات الكمال من العلم والقدرة والعدل ففي وضع علمه بالعمل المستحقّ للجزاء مكان الجزاء مبالغة زائدة في عدم فوته وتوفيره ، وحثّ على فعل الخير بعد النهي
__________________
(١) خبر «ما» في قوله قدسسره ، أى وما تفعلوا من أى نوع إلخ.