أي وقت الحجّ وزمانه الّذي يصحّ فعله بالإحرام له والإتيان بمناسكه فيه في الجملة ثلاثة أشهر شوّال وذو القعدة وذو الحجّة فإنّه يصحّ الإحرام في الأوّلين وفي أوائل الأخير ، وفيما بعد العشر في الجملة يصحّ بعض أفعاله مثل الرمي والذّبح والطّوافين ، وهما يصحّان مع الاضطرار والاختيار على الظاهر وإن قلنا بتحريم التأخير ، والدّليل على كون الأشهر ثلاثة ظاهر الجمع ، وصحّة الأفعال في الكلّ في الجملة ، وعدم صحّة وقوع جميعها في العشر الأوّل والرواية الصحيحة والحسنة المذكورة في الكافي عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) : الفرض بالتلبية والإشعار والتقليد ، فأيّ ذلك فعل فقد فرض الحجّ ولا يفرض الحجّ إلّا في هذه الشهور الّتي قال الله عزوجل (أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) ، وهي شوّال وذو القعدة وذو الحجّة (١) ومثلها في إفادة كون زمان الحجّ شوّالا وذا القعدة وذا الحجّة رواية زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام (٢) وقيل إنّه وتسع من ذي الحجّة مع ليلة العاشر إلى طلوع الفجر ، وقيل إلى طلوع الشمس ، وقيل وعشر ، قيل وهذا الخلاف لا ثمرة له في باب الحجّ فانّ بعض الأفعال يقع بعد العشر بالاتّفاق وإذا وقع الإحرام في زمان لم يدرك عرفة والمشعر لم يصحّ الحجّ إجماعا ، نعم يظهر ثمرته في نحو النذر وفيه تأمّل إذ الّذي يقول إنّ ذا الحجّة كلّه زمان الحجّ قد يقول بجواز تأخير مثل طواف الزيارة وطواف النساء والذبح طول ذي الحجّة دون غيره إلّا أن يقال إنّه قد علم عدمه منه وذلك غير ظاهر.
وقال في الكشّاف وتفسير القاضي : إنّ ما ذكرناه مذهب مالك ، ومذهب الشافعيّ : وتسع من ذي الحجّة مع ليلة النحر ، ومذهب الحنفيّ : وعشر ذي الحجّة ، فإطلاق الأشهر إمّا باعتبار إطلاق الجمع على ما فوق الواحد ، أو باعتبار تنزيل البعض منزلة الكلّ ، فجعل بعض شهر ذي الحجّة شهره ثمّ قال في الكشّاف وهو كما يقال رأيتك سنة كذا وإنّما رآه في ساعة منها ، ومثله في مجمع البيان
__________________
(١) الكافي ج ٤ ص ٢٨٩.
(٢) الكافي ج ٤ ص ٢٨٩.